تصفحت قبل أيام ديوان الأديب الراحل علي الشرقي ( عواطف وعواصف ) .. وهو الديوان الوحيد لشاعرنا الكبير الذي قال عنه – رحمه الله – ( إن عمر هذا الديوان ينوف على الثلاثين عاما , لم أكن فيها من المكثرين , إنما هي سوانح تريدني أحيانا قبل أن أريدها .. ) .. وقد توقفت عند قصيدة عنوانها ( معاتبة الطاغي ) نظمها الشرقي عام 1921 عندما طغى نهر الفرات آنذاك , فدمر الأخضر واليابس , وغمر مساحات شاسعة من الأراضي والقرى القريبة من حوض النهر .. ولأنها كانت تعكس واقعا مريرا هو أقرب إلى ما نحن فيه اليوم اقتطفت منها بضعة أبيات رحت أرددها لأنها تحكي واقع العراق , بين طغيان مياه النهر آنذاك , وجفافه وظمأ أرض السواد وأهلها , اليوم ..

قال شاعرنا الراحل قبل قرن من الزمان :

هذا ( الفرات ) وهذه عاداته          متفلت من عهد حمورابي

منه غدت أم العواصم بابل            تزهو , ومنه غدت تلول تراب

قد يستحيل على الحديد عبوره       جسرا , وقد يكفيه نفخ جراب

أسباب إهمال ( الفرات ) كثيرة      وشيوخه من أعظم الأسباب

ومناهج الأحزاب , هل من سدة     مردومة , بمناهج الأحزاب ؟؟

وأشهد لو إن شاعرنا الكبير كان حيا اليوم , لما قال غير ما قاله قبل قرن من الزمان , ولبقي يردد :

هذا ( العراق ) وهذه عاداته          متفلت من عهد حمورابي ..

أسباب إهمال ( العراق ) كثيرة       وشيوخه من أعظم الأسباب ..