
![]() |
(تسارع الخطى) واستطلاع التجربة الحياتية |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص : الفن الروائي..فن التوافق بين الواقعي والتخييلي من اجل خلق صور جمالية تسهم في تحريك الذاكرة باعتماد عناصر البناء المعماري الفني(الحدث/الزمان/المكان بشقيه المغلق والمفتوح/الحوار بتركيبه الموضوعي والذاتي..) و(تسارع الخطى)..الرواية التي نسجت عوالمها انامل القاص والروائي احمد خلف واسهمت دار المدى في نشرها وانتشارها/2014..كونها تستطلع التجربة الحياتية برؤية تنطلق في سياق فني يؤسس لاسئلة وقيم تسعى للاحتفاظ بدورها داخل نسق مجتمعي متفاعل يتحقق بتطعيم حركاتها واسناد روايتها وتشخيص هوية انتمائها الثقافي والاجتماعي بقنوات مفتوحة على دينامية التخييل الجمعي التي تكشف عن الوان قيمية متعددة عبر المعطيات المضمونية التي تحققت بالفعل الانساني..ومقدمة حملت بصمة(سان جون بيرس) شكلت نصا موازيا كاشفا عن المتن بايجاز.. (هذه حكاية سارويها...هذه حكاية ستسمع.. هذه حكاية سارويها كما يليق ان تروى.. سيكون سردها لطفا يفرض الاستمتاع بها.. ) /ص5 فالنص يكشف عن تجربة وجدانية موغلة في مناطق مسكوت عنها والتي رسمت مسارات التخييل انطلاقا من الشخصية وملفوظاتها لتخلق تفاعلية مع النص الذي ينفلت من منطقة الظل ليعلن حضوره المشع عبر الحاضر الراهن والحاضر الذاكرة والحاضر الهاجس حضورا يؤطر المتن الروائي والسياق السردي.. ـ هل لي معرفة أين انا الآن؟ ـ لتبق ساكتا وساكنا ايضا عليك ان تكشف عن السؤال..لن يصغي اليك احد..الا تسمع الريح كيف تعوي في الخارج؟لعل هذه الريح ستكون لك عونا غدا مع مجيء الصباح او بالجري فجرا..كل شيء سيكون على ما يرام..شرط ان تبقى ساكنا ولا تبادر بالقيام بحركة..قد تاتي بالسوء الى قلبك المكلوم..فانت خائف وربما تنتابك عشرات الصور المفزعة..ربما تفكر في امور لا تخطر في بال احد..لاشك ان الخوف والجزع ياكلان في داخلك..ولكن خذ بنصيحتي ولا تستفزهم باية حركة قد تشعل غرائزهم الحيوانية ضدك..أتدري أين انت في هذه الساعة؟عليك ان تحدد او تحزر موقعك..اعني المكان او الزريبة التي رموك فيها..أية خديعة قادك اليها القدر مرغما؟) ص7.. فالسرد يبدأ بحدث استرجاعي يعتمده الراوي السارد الذي يمزج السرد بالحوار والاتكاء على الحكاية والوصف من اجل التاكيد على واقعية الحدث وعمق التجربة ووعي الذاكرة ضمن السياق الكلي المرتبط ومرجعية النص..كونه مشتملا على عناصر الخطاب التي تجمع بين العجائبي الاستثنائي والواقعي..اضافة الى انه يرقى برمزيته لاستيعاب الواقع المعاصر..فهو يجترح الذاكرة فيمازج بين السرد السيري والتخيلي والواقعي باستحضار التاريخ والاتكاء عليه ابتداء من العنوان titrologie المفتاح الاجرائي والمنهج النصي الخاضع للتحليل والتاويل..بصفته دلالة سيميائية ونافذة رؤيوية مشعة بطاقتها الايحائية التي تشير الى المضمون المازج بين الازمنة كي يسهم في ابراز الدلالات وتقريب المقصدية عبر فونيميه الدالين على الحركة والحاملين في طياتهما الدهشة والاسئلة..المشحونين بنبض الذاكرة والمقترنين بالمتن السردي كونهما وطيدا الصلة بـ(الانا) فاضفيا تصورا سيميائيا على طبيعة السارد الذي عانى من صراع نفسي على صعيد الزمن الذي يتوقف تشكيله على مقدار ادراك العلاقة القائمة بين الشخوص والامكنة والاحداث..وهذا يتطلب دورا ثنائيا مزدوجا يقوم به كل من الروائي والنص من خلال مجريات الاحداث..واستنطاق المكان بتوظيف عنصر البيئة من اجل حضوره بكل مكوناته للكشف عن الافعال الانسانية التي تعلن موقفا وتسجل حضورا..هذا يعني ان السردية يتخللها عالمان متناقضان:العالم الذاتي(عالم الشخصية المازومة)والعالم الموضوعي(الخارجي) الذي يشكل اطار تحريك الشخصية وتداعياتها المقترنة بالمكان والتي يشكل بوحها نصا وجدانيا يمتاز بسهولة التعابير وانسيابية الالفاظ..كونه خلية مستأصلة من نسيج اجتماعي في مرحلة زمنية وفقا لما تقتضيه فلسفة البقاء وتعزيز (الانا) كقيمة ايجابية في المجتمع..لذا فالنص يخاطب الوجدان في رحلة الحياة ومحطاتها بلغة تخلق جوا من التفاعل اللاشعوري بين المستهلك والعبارة..وهذا يعني ان السرد يسير بخطين مترابطين هما:الوصف التصويري وتجسيد الخيال.. (اني ساقوم بواجبي تجاهك..عطفا عليك..انا ادرك كم تبدو مسكينا ولا تاخذ الامور بصورة جادة الا حين تجد نفسك وجها لوجه امام الخطر..حتما لن يداخلهم الشك بي ولن يصدقوا عقولهم حين تراودهم فكرة طارئة أي انا التي اطلقتك..بل سيفكرون اول الامر انهم لم يوثقوك بصورة كافية وستبدأ سلسلة تقريع بعضهم البعض الآخر حتى اذا لم يقتنعوا بتوصلاتهم واتهاماتهم فانهم سينتقلون بشكهم الى بقية افراد الاسرة حتى يصل شكهم الي ولن ينفعني شيء الا الهرب من نواجذهم..اما بالنسبة لك حين تنطلق كن حذرا من الطريق وكل شيء تراه قريبا اليك لا تلتفت الى الوراء..عليك ان تصغي الى تسارع الخطى..الى وقعها المتصاعد مع الجري المتلاحق..خطاك وهي تصنع لحنها الخاص عليك ان تزيد من تسارعه..لحن يظل يرافقك الى عالمك الجميل الذي ينتظرك..) ص13 ـ ص14.. فالكاتب يكثر من السرد الذاتي الذي يتناسب والنفسية الفكرية للشخصية التي تشارك بشكل او باخر في صنع الاحداث والوقائع وفي توليد الافكار والدلالات والتي اتسمت بميلها صوب الاستماع الى الذات بعد ان شعرت بالاحباط الذي تكشف عنه اثاره التي تركتها الاحداث في نفسية الشخصية باعتماد تقانات فنية كالاستذكار والتذكر والمشهدية الدرامية والتحليل النفسي وتوظيف المراة كعنصر تشويق من جهة ومن جهة اخرى اسهامه في التخفيف من حدة الماساة..فضلا عن تداخل الاساليب التعبيرية الفنية لتشكل الحبكة بتوظيف ضمير المتكلم(الانا) والغائب(الهو) و(الهي).. على لسان الراوي السارد..كونها اشخاص تاخذ على عاتقها الكشف عن مجريات الاحداث والواقع عبر الحوار بشقيه(الذاتي)و(الموضوعي) كصيغة تعبيرية كاشفة عن دواخل الشخصية وكيانها النفسي وتركيبتها الفكرية.. اضافة الى انه يسهم في دفع الحدث ونموه..بتامله في التداعيات النفسية والاجتماعية التي افرزها تغريب الذات عن واقعها المشحون بالخوف..لذا فهو يحاول استجلاء الماضي عبر استرجاع صورته القابعة في زوايا الذاكرة فيقدم سردا متميزا بتنوعه الاسلوبي(الاسلوب الذاتي(الداخلي)و(الاسلوب الموضوعي(الواقعي)..فخلق جوا من الاقتراب والابتعاد من الاحداث باستخدام تقنية الراوي العليم second person من اجل توفير مناخ سردي غني بعوالمه من جهة واضفاء مساحة متسعة للخيال من جهة اخرى مع اقتحام التفاصيل النفسية والشعورية للشخصيات الروائية.. (بقي معه ابو العز الذي لم يتركه ابدا..اسند جذعه بقوة لئلا يقع الى الارض ثانية..وساله:اتريد الذهاب الى بيتك ياعبدالله؟ ـ ابدا لا اريد لانهم سيتابعون خطواتي وليس بعيدا انهم يترصدونني الان.. ـ لن يتبعك احد وسوف تنام الليلة عندي في البيت.. ـ انت صديقي الوفي ابو العز لا تتركني وحيدا ابدا.. واردف ثانية يقول بصوت غلب عليه الضجر مما عاناه خلال الايام التي مرت عليه وهو يعاني استلابا وقهرا لا يحتملهما بعير.. ـ لن يدعوني وشاني سينهشون لحمي كالكلاب حالما يقبضون علي مرة اخرى.. ـ ابدا..ابدا..لن يقبضوا عليك بعد الان ولا يوجد من يتبعك..صدقني.. ـ ابو العز انت لم تصدق اني كنت مختطفا؟ اليس كذلك؟ ـ بالعكس اصدق كل ما تقول.. ـ كلا لم تعقل مسالة اختطافي وكذلك هروبي من الخاطفين.. /ص98 فالسارد يعتمد بناء سرديا لم تعد وظيفته اعادة انتاج الافكار بل تتعداها الى تعميق الرؤية واقتناص اللحظة المنبثقة من ثنايا الحياة اليومية..وهذا ميزه بالقدرة على تحليل نفسيات الشخوص وتماسك الافكار وترابط النسيج الداخلي للنص..فضلا عن تصوير المشاهد والانتقالات عبر فضاءات متباينة..فحقق بذلك وجودا في تصوير الفوضى التي تضرب عمق الانسان في ذاته ووجدانه.. وبذلك قدم الروائي نصا حكائيا قائما على الثراء الفكري والمعرفي الذي جعل منه تجربة فنية مفتوحة بعيدة كل البعد عن النمطية ابتداء من العنوان ومرورا بالمعمار الفني وانتهاء باللغة وهو ينهج بمستويين متداخلين:اولهما الواقعي ببعده الاجتماعي وثانيهما التخييلي الخالق للجمال بفضاء زمكاني متداخل عضويا ومتسما بالوحدة والتناسق غايته توصيل المعنى المضموني الذي يقصده السرد من خلال الشخصية التي هي بنية فكرية ووجدانية مكتنزة بالحياة ومليئة بمفاجئات السلوك المتفرد والمشهدية المبنية على الحوار الذي يعزز من عنصر الدراما في سردها الاجتماعي المنسجم وحركتها داخل الفضاء السردي الذي يعبر عن الواقع الانساني المتناقض والمتصارع في ذاته فيكشف عن قدرة على التغلغل في عمق الذات الانسانية وابراز خفاياها باعتماد لغة مشهدية تحاكي الواقع وهي اشبه باللغة اليومية عبر حوارات ذات طبيعة فنية ودرامية تكشف عن اوضاع نفسية.. |
المشـاهدات 46 تاريخ الإضافـة 25/02/2025 رقم المحتوى 59810 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |