الإثنين 2025/3/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
عواصف رعدية
بغداد 18.95 مئويـة
نيوز بار
كوريا الجنوبية تجربة جديرة بالتأمل
كوريا الجنوبية تجربة جديرة بالتأمل
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب خليل ابراهيم العبيدي
النـص :

 

 

لم تكن كوريا الجنوبية بعد انتهاء الحرب الكورية عام 1953 ، إلا دولة منهارة تماما قتلت الحرب التي قامت بينها وبين كوريا الشمالية أكثر من أربعة ملايين مواطن كوري ، وكان اختياري لهذه الدولة التي حرقت مراحل النمو خلال ثلاثة عقود ، هو أنها لم تكن تملك أموالا كتلك التي يملكها العراق ولا تملك ثرواته الطبيعية ، وهي ايضا بخلاف العراق الذي مر عليه اليوم عقدان وهو يتمرغ بالتراجع ويتخبط في بناء اقتصاده ، وبرغم أنه لم يكن بذات البداية المفجعة التي بدأت فيها كوريا الجنوبية . إلا أنه لم يحقق ما حققته هي في ثلاثة عقود .

كوريا الجنوبية ..الموقع الجغرافي

تقع كوريا الجنوبية في شرق آسيا في النصف الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية ، وتقع عموما على الأسطح المائية ، وتبلغ حدودها البحرية أكثر من 2413 كم ، وهي محاطة غربا بالبحر الاصفر ، ومن الجنوب يحدها بحر الصين الشرقي ومن الشرق بحر اليابان ، وتقع كوريا الشمالية في شمالها ، ولها امتدادات كثيرة وجزر بحرية متناثرة . تبلغ مساحتها 99،392 الف كيلومتر مربع ، وعدد سكانها لعام 2024 ، بلغ حوالي 52 مليون نسمة والعاصمة فيها سيؤل .

النظام السياسي

على إثر استسلام اليابان للحلفاء عام 1945 ،، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ،، تم إعلان استقلال شبه الجزيرة الكورية ، وفي العام 1948تم تقسيم هذه الجزيرة إلى دولتين ، كوريا الشمالية بزعامة كيم ايل سونغ ، وكوريا الجنوبية برئاسة سونغ مان لي ، وأعلن النظام الاشتراكي في الشمال والنظام الرأسمالي في الجنوب ، وبسبب النزاع والحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والصين (آنذاك )من جهة وبين الويلايات المتحدة والغرب من جهة أخرى ، فقد اندلعت الحرب الكورية عام 1950 عندما هاجمت كوريا الشمالية بمساعدة الصين كوريا الجنوبية ، واستمرت الحرب مشتعلة حتى العام 1953 حيث تم وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقية الهدنة بين الدولتين الكوريتين ، وانشاء ارض فاصلة منزوعة السلاح بين الدولتين الشقيقتين .اخذت كوريا الجنوبية بالنظام الديمقراطي ، يحكمها رئيس منتخب وهيئة تشريعية ، نظامها دستوري صارم ، لها سلطات محددة الواجبات في التشريع والتنفيذ والقضاء ، وبحسب تقييم صحيفة الايكونومسكت ، كوريا الجنوبية دولة ذات ديمقراطية كاملة ، وبموجب معيار V–Dem احتلت كوريا الجنوبية المرتبة الثالثة للديمقراطية في آسيا عام 2023 .

كوريا والتحول الاقتصادي المدهش

خرجت كوريا الجنوبية محطمة الأركان والقدرات من الحرب الكورية عام 1953 ، وكانت تئن من ندرة وسائل الارتقاء المساعدة إلا أنها تعد من نمور اسيا الأربعة التي أذهلت العالم بقدرتها على التطور السريع والنمور الأربعة هي سنغافورة ، هونغ كونغ ، تايوان ، وكوريا الجنوبية ، واحدهم يضيف ماليزيا وتايلند ، تجارب ناجحة بحاجة للتأمل والدراسة واستخلاص العبر .

النهضة الاقتصادية الكورية

اتبعت كوريا الجنوبية اقثصاد السوق ، وهي اليوم تحتل المرتبة 14. في العالم من حيث الناتج القومي ، وهي واحدة من اقتصادات العالم الكبرى ، والدخل فيها مرتفع وهي الآن عضوا في منظمة التعاون والتنمية ، وكانت من أسرع الاقتصادات في العالم نموا منذ العام 1960 ، اي بالتحديد بعد سبعة أعوام من انتهاء الحرب الكورية .لم تهب الطبيعة كوريا الجنوبية الكثير من الموارد سوى بعض المعادن كمعدن التونجستين والفحم وخامات الحديد والكاولين وبقية قليلة من المعادن التي تدخل في الصناعات الحديثة ، ولها طبيعة جبلية تأكلت غاباتها بسبب كثرة الحروب ، وبعد الحرب تولى الرئيس روه السلطة واصر على أن تبقى كوريا الجنوبية دولة زراعية تحت ظل الهيمنة الأمريكية ، غير أن تولي الجنرال ( باك تشونغ هي ) السلطة في انقلاب عام 1962 ، وجنوحه نحو الديكتاتورية حول المسار الاقتصادي الكوري الجنوبي نحو الأخد بزمام التنمية الصناعية ، فقد حكم بقبضة من حديد كرجل عسكري ترأس المجلس الأعلى لاعادة البناء الوطني ، ويعود إليه الفضل في النهضة الإقتصادية الكاملة التي شهدتها كوريا الجنوبية من تصنيع ونمو اقتصادي سريع نتيجة لقراره الحكيم (التصنيع من اجل التصدير ) وقد اعتبرته مجلة تايم عام 1999 أنه واحد من افضل عشرة اسويين في القرن العشرين ، وقال احدهم أن سياساته الاستبدادية وان كانت مقيته الا إنها كانت وراء اعلان كوريا الجنوبية أول النمور الاسوية في النمو حيث بلغت نسبة النمو فيها بعض الأعوام ال 9،5 بالمئة ، وكثيرا ما توصف نهضة كوريا الجنوبية بالمعجزة الحقيقية حيث تحول الاقتصاد فيها من اسوأ حالات التخلف إلى اقتصاد يناطح بمرونته اقوى الدول الصناعية . وقد وقعت هذه الدولة عام 2010 اتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الاوربي. ان من أهم اسباب النمو السريع في كوريا الجنوبية .اولا ….نظام التعليم . وضعت الحكومات المتعاقبة التعليم في مقدمة اولوياتها وجعلت الشعب متحمسا للتعلم والاقبال على التكنولوجيا الحديثة .ثانيا…. اتبعت كوريا الجنوبية نظاما مشجعا للتوفير ومشجعا لأولي.الكفاءة ورأسمال لضمان سرعة الاستثمار وكانت هذه الدولة في مقدمة دول التعاون من حيث القدرة في التوفير والادخار في الثمانينات والتسعينات .ثالثا….. ان التصنيع كانت تقوده الحكومة ، وتعمل جاهدة على أن تتبع سياسة الحزم بشأن عدم تنفيذ المخططات السنوية للإنتاج ، وان يكون موجها للتصدير سييما في السنوات الأولى . وقد كانت الدولة تتدخل حتى في مديات تنفيذ القطاع الخاص لبرامج التنمية السنوية ، وكانت تتقاسم كافة الجهات المخطط العام التنمية السنوية .رابعا….اتباع سياسة التوازن الدقيق بين الظروف الداخلية ، والظروف الدولية وإتباع سياسة تسببت في تثبيت العملة الوطنية .ان ما حققته كوريا الجنوبية جدير بالتأمل ومدعاة لنقد تجاربنا في العراق والوطن العربي ، وانها دولة قدمت نموذجا موجعنا لنا ونحن نقطع أكثر من عقدين دون تقدم ملحوظ ، بدا واضحا اليوم في وقفة أهل غماس ، وهم يؤشرون إلى مستشفاهم وهي قيد الإنجاز والتأخير منذ اكثر من عشرة أعوام ، او مجاري الناحية التي لا زالت تنتظر الإنجاز في قادم الأيام والحليم تكفيه إشارة الابهام.

المشـاهدات 27   تاريخ الإضافـة 10/03/2025   رقم المحتوى 60283
أضف تقييـم