النـص :
بعبارات مصحوبة بخجل وعين لا تقوى النظر وجهاً لوجه طلب مني ان ابرأه الذمة ، فأبرأته شرط معرفة السبب ، وكان السبب انه في العام 2007 نزل هذا الشخص القريب مني مع اسرته لدينا في المنزل لبضعة ايام لحين انتهاء الاقتتال الطائفي الناشب في منطقته ببغداد ، ولدى نزلهم لدينا حيث كان لم يتجاوز بعد الدراسة الابتدائية اخذ حفنة من (المكسرات) من كيس موضوع على جنب من دون ان يستأذن من احد اي انه اخذ هذه الحفنة خلسة (واعتبرها سرقة) وتصادفنا قبل ايام ليكشف لي هذا السر الذي عاش معه ويؤنبه ويؤرقه مخافة الله من فعلته الدنيئة والخسيسة؟! بحسب وجهة نظره طبعاً ، قال لي قد تستغرب من اعترافي وقولي هذا لكن الفعلة كبيرة عندي وارتحت الان بعد ان تخلصت من همها الذي رافقني طوال تلك السنين (2007 ـ 2025).
هذا الشخص موظف الان في دائرة وقف دينية ، تعطيه راتب لا يتجاوز 700 الف دينار لذلك من المتعسر عليه ان يؤسس لنفسه للزواج ، ورغم انه يعمل في مكان يستطيع من خلاله ان (يستفاد) كما شرعنها البعض لانفسهم ، الا ان شخص ملتزم دينياً واخلاقياً من المحال ان يفكر بطرق ملتوية ترتبط بالفساد ، لذلك اضطر البحث عن نقل الى دائرة اخرى وتم قبوله في اكثر من دائرة لتخصصه في القانون وتمكنه من عمله ، الا ان دائرته ترفض الموافقة على نقل خدماته الى دائرة او وزارة اخرى ، فهي لا ترحمه باعطائه الراتب الذي يكفيه ويضمن له العيش الكفاف والتاهل للزواج وفتح منزل وتكوين اسرة ، ولا تقبل ان ينتقل الى دائرة اخرى ليحسن من وضعه المعيشي اي انها (لا ترحم ولا ....... رحمة الله تشمله) وكأن لسان حال مثل هذه الدوائر يذكرنا بمقولة غبية سابقة تشجع الموظفين في دوائر الدولة على الفساد واخذ الرشا ، والحال تلك لا تختلف عن التشجيع على الفساد ومحاربة النفوس الابية ومضايقتها للوقوع في الخطيئة ، وذلك يتأتى من عدم نزول المسؤول الاعلى لمعرفة شؤون موظفي دائرته واحوالهم المعيشية والاطلاع على مشاكلهم ، رغم انه يرتبط بمنظومة دينية يستوجب عليها حماية وتفقد شؤون الرعية عامة فكيفما الموظفين العاملين فيها؟
قصة هذا الشاب النزيه تذكرني بنقيضها من غيلان الفساد من شياطين الانس الذين يضضلون الناس ويتلونون بشتى الالوان ليهلكونهم ، الغيلان التي اهلكت الشعب والبلد ونهبت خيراته وبددتها ، الغيلان التي لا احد يسألهم من اين لهم كل هذه المليارات الطائلة وهم بالامس القريب كانوا لا يجدون خبزاً حافاً للأكل ، الغيلان الذين اكلوا حقوق الشعب وهم يؤسسون لبيئة شياطين وسراق ، بيئة تطرد الشرفاء والنزيهين وتحيدهم وتجمدهم وتخنقهم ثم تقتلهم من القهر!
|