السبت 2025/12/13 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
السماء صافية
بغداد 9.95 مئويـة
نيوز بار
اتحاد أدباء العراق والشِّعر في خيمة العَبْريين (2)
اتحاد أدباء العراق والشِّعر في خيمة العَبْريين (2)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

عندما ألقى وفد اتحاد أدباء العراق عصا الترحال، كدسوا حقائبهم الحبلى بالحنين في غُرفات الفندق المسقطيّ ذي الأربعة نجوم النائم على ذرى مجد قديم في حدائق حيّ الخوير، ونزلوا على حين لهفة أولى، كان الطقس شتويًا وأجواء مسقط المضببة بالغمام تزرعك شتلة اشتياق على جسر لندن المعلّق بين ضفتي التايمز، تبتزنا الذكريات لعناقٍ مدثّر بالعشق على جسر الصُّلْب الرابط بين حي الزمالك الحداثيّ وحي بولاق أبو العلا الشعبيّ، واشتياقٍ مغلّف بالمقام العراقيّ يسرج فتيلة قلبه شغفًا يتمشى على جسر بغداد المعلق، ثما ما يلبث أن يقف في المنطقة الوسطى على أطراف نبضه ما بين الكرخ والرصافة.

كانت صداقتي بالوفد العراقي صكوك محبة وقّعها السيد مارك على حائط فضائه الأزرق تُشبِّبُ بها قافية في قصيدة، وتلمع في عيونها فاصلة شعرية، وتحمر خجلا في خدِّ تفعيلة تتراقص في حضن سطر نثريّ يصنع إيقاعه الخاص.

دلفنا إلى المطعم التركيّ ولحق بنا الشاعر والمسرحي عبد الرزاق الربيعي هابطًا من مرتفعات (بوشر)، بعد أنْ تأخر (في انتظار الذي يسوق) الشاعر المهندس وسام العاني، الذي انتقل إلى المملكة العربية السعودية، وترك الربيعي يعيد جدولة المسافات، ويرتق الحكايات.

كانت الأنثى الوحيدة التي تتوسطنا الشاعرة والتشكيلية غرام الربيعي، وهي التي ألجمت ألسنتنا عن الخوض في أعراض التفاعيل التي نفضت ضفائرها فتساقطت الأوزان في حجور المارة، وكان لابد من عمل سلطة لغات مشكّلة من العربية الفصيحة والإنجليزية البريطانية، والتركمانية بلهجة كركوك لردم فجوة الصمت ما بيننا وبين الشاعر فوزي أكرم ترزي.

غير أن جِلستي على طاولة المسجوف العراقي وقعت ما بين ناقدين رفيعي المستوى؛ فكان عن يساري الدكتور علي متعب جاسم، وكان سمته جادًا وأدهشني، في حديث جانبي حول: (نظريات التأويل والقراءة وتطبيقاتها)، و(المناهج النصية "الأسلوبية والبنيوية" وتطبيقاتها)، وكان عن يميني الناقد الدكتور غنام محمد خضر، وخرجنا من ساحة الحوار الجاد حول محاضرتها التي سيلقيها بمعرض مسقط الدولي للكتاب تحت عنوان "المسرح العراقي النشأة والتحولات"، إلى براح الأسئلة، وساحات المرح في الهواء الطلق بعيدًا عن الوجوه التي ارتدت أقنعة الصرامة والجدية المصطنعة.

في اليوم التالي ولأني كائن نهاريّ خلافًا لجنس المصابين بمرض الكتابة المزمن، الذي يأتي الروح فينقصها من أطرافها، ويقصف أعمارنا قطعةً قطعةً مع كل رشفة من فنجان الأدب، ونفثة تعبٍ مصحوبة بدخان من سيكارة موصولة بخرطوشة قطران تصب جام غضبها في شرايين القصيدة، اصطحبتُ الشاعرين منذر عبد الحُر، والدكتور حازم الشمري إلى جريدة الرؤية العمانية كسرًا للروتين البروتوكولي الذي يرخي ظلاله كآبته على شجرة الحياة فتذبل أوراقها.

وفي عصر اليوم الثالث خرجنا من مسقط العامرة إلى مزرعة الشيخ سالم بن محمد العَبْريّ في (ولاية بركاء) وكان الرجل لفرط كرمه أعدّ وليمتين؛ فأمّا الوليمة الأولى كانت مأدبة شعريّة بجمهور عريض أغلبه وسائر الجالسين فيه كانوا من عشّاق الكلمة، وكان من عيونها الشعراء: (محمد بن عبد الله الخليليّ، والشاعر الشيخ هلال بن سالم السيابيّ، والدكتورة سعيدة بنت خاطر، وسعيد الصقلاويّ رئيس جمعية الأدباء والكتاب العمانية، وصاحب الدعوة الشيخ الأديب سالم العبري)،  وأمّا الوليمة الثانية فكانت دعوة للعشاء وتحوي صنوفًا من المطبخ العُمانيّ؛ وكانت تضم:(الشواء العُماني، والهريس، والقبولي، وخبز الرخال والعسل الجبليّ، واللقيمات والحلوى العمانية بجانبها تشكيلات من الفواكه الجبليّة).فلما أن عاد الوفد إلى الفندق كان موعدنا في صباح اليوم التالي على رحلة سياحية وتاريخية تنتهي بجولة تسوّق فاتت الشاعر سعد محمد الذي كان يختلي بقصيدة في غرفته قطعته عن مصاحبتنا.

المشـاهدات 620   تاريخ الإضافـة 24/05/2025   رقم المحتوى 63292
أضف تقييـم