الثلاثاء 2025/6/3 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
نيوز بار
الروائي سلمان عبد مهوس يجسد تجربته في ليبيا والعراق بتقنية روائية
الروائي سلمان عبد مهوس يجسد تجربته في ليبيا والعراق بتقنية روائية
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

حمدي العطار

*القراءة النقدية لرواية (رجال من لكش )- بين جبال قنديل وسيدي عمير- "2"

حاول الكاتب والروائي سلمان عبد مهوس ان يجمع في هذه الرواية كل الذكريات السياسية والاجتماعية والعاطفية والمهنية ، وهو لم يقدم تجربته الثرية في العراق وليبيا حيث رحل الى هناك للعمل في مجال التدريس ، وما يحمله من ذكريات بلده الجريح والمحاصر ويرزخ تحت الحكم الاستبدادي بعد جولات متتالية من الحروب الفاشلة والقاسية ووجبات من القتل والتنكيل والاعتقال والاعدام لخيرة شباب العراق، قدم سلمان في هذه السردية خدمة كبيرة لمجموعة من المناضلين الذين اشتركوا في العمل السياسي والكفاح المسلح وما برزوا بشكل يتناسب مع تضحياتهم العظيمة، لأنهم ليسوا من القيادات العليا في الحزب الشيوعي، ولم يتسنى لهم كتابة مذكراتهم الشخصية والذاتية ،الاف المناضلين لم يأخذوا حقهم في الادب والاعمال السردية وتعد هذه الرواية انصافا لهم!الجماعة انشقت عن الحزب الشيوعي اللجنة المركزية وظلوا يعانون من ضعف المساهمة السياسية   لمناضلين يتصفون بالشجاعة والاستعداد للتضحية ، مغمورون ولم يصلوا الى السلطة لكتابة تاريخهم المجيد ولم ينصفهم المؤرخون والادباء فجاءت هذه الرواية كي تسلط الضوء عليهم وعلى حركتهم المسلحة ، وحركة الكفاح المسلح (القيادة المركزية) للحزب الشيوعي العراقي تعد أول حركة كفاح مسلح في الوطن العربي ضد الانظمة العربية التي تخلصت من الاستعمار وانتقلت الى الدولة الوطنية!

*النص الموازي

"رجال من لكش" استوقفت كثيرا امام صورة الغلاف المؤثرة على الاخص ملابس ومخلفات المهاجرين الى اوربا عبر البحر وممن يتعرضون في اكثر الاحيان الى الغرق والموت! ثم جاء العنوان كعتبة للنص ولفت نظري (لكش) المكان الذي احتضن الحضارة السومرية، وجاء اختيار لكش لأن فيها (أوركاجينا) الثائر "يقود أنتفاضة الأحرار بحنكة ودهاء سياسي، يتمكن من ازاحة الحاكم الفاسد، ينتخبه الشعب حاكما لمملكة لكش ، وحاول الروائي اسقاط التاريخ القديم لحاكم لكش على ما حدث في انتفاضة هور الغموكة وفي (الدواية) " موضع ريبة من الأنظمة دائما، وأرضها ساخنة بالاحداث، تسكنها روح (أوركاجينا) ، الثائر السومري الحالم في الثورة والحرية والعدالة، يمتد هذا الحلم عبر طيف الزمن في لا وعي أحفاده، حاملين أرواحهم على أكفهم ، لمواجهة الظلم والاستبداد"ص42 لم يستحضر الشيوعيون في القيادة المركزية هذه الروح الثورية من السومريين بل كان نموذجهم جيفارا او كما ذكر الروائي في موقع اخر (هوشي منه)

الشيء الوحيد المشترك بين الانتفاضة اوركاجينا وانتفاضة هور الغموكة هو فقط (المكان)  اما الروح الثورية فهي معاصرة وقد اعلن عنها من قبل القيادة المركزية وحتى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي كانت تطلق على حركة الكفاح المسلح بالظاهرة (الجيفارية)! ثم ان المشاركين في هذه الانتفاضه هم من جميع أنحاء العراق ولا يقتصر على مدينة دون أخرى" وان شيوخ العشائر  المتعاونين مع السلطة" كان لهم دور في القضاء على الانتفاضة.  وقد تكرر هذا الموضوع كثيرا في روايات بعد 2003 حول تأثير الحضارة السومرية على احداث معاصرة! نحن في العراق لم نكتشف الاثار السومرية الا منذ 200 سنة من خلال البعثات التنقيب على الاثار الغربية وكان هدفها دراسة هذا البلد لأحتلاله وتعد الاثار كنوز يجب نقلها الى المتاحف الاوربية! لم يكن للحضارة السومرية في العصر العباسي وحتى في العصر العثماني اي وجود وتأثير! ولم نجد لها ذكر في السرد القصصي او الروائي قبل 2003!

*ذكريات ومذكرات

وجود الروائي في ليبيا وسع افاق السرد وتنوع اصوات السرد عبر تقنيات مختلفة ، فاتجه الروائي ليطرح القضية الفلسطينية وهو يتناول مشكلة المدرس الفلسطيني (حكمت) ويستعرض قصته الموجعة "أذ تقطعت به السبل ولا امل بزيارة أمه وأخوته الذين يسكنون مصر منذ الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 "ص 122 ويستغل الروائي هذه القضية ليطرح وجهة نظره السياسية بصدام والحكم البعثي في العراق"نحن أيضا محتلون مثلكم، سرقت كل احلامنا وطموحاتنا وتركنا في مهب الريح، مناظر العراقيين في الساحة الهاشمية بعمان تتقطع لها نياط القلب اسى، كأنهم أشباح لا ملامح لهم وسط الضياع والخيبات، عن ماذا أحدثك يا أخي، عن البطش والاضطهاد والحرمان هناك في العراق، كي أقنعك إننا محتلون مثلكم، ألم تصدق ذلك مني! صرنا مشردين في كل أصقاع العالم، مثلكم تماما..ما فرق أن يحتلك أجنبي أو يحتلك أبن جلدتك!!"ص123 .

*صوت سردي اخر

مثلما  ذكرنا الغربة توفر تجربة واختلاط استفاد منها الروائي ويخلق اصوات للسرد جديدة، ياسين البصري احد هذه الاصوات وهو يتحدث عن تجربته عندما كان مدرسا في الكويت، وهنا السرد يقترب من ادب الرحلات عندما ياسين يتحدث عن رحلته مع (سعد ومشاري) الى اوربا" بعد انتهاء العام الدراسي قررنا السفر الى أوربا بسيارتنا عن طريق العراق،انطلقت في الصباح بسيارتي متجها صوب البصرة ..بتنا في بيت اهلي بالبصرة ثم واصلنا مسيرنا نحو بغداد،في اليوم الثاني توجهنا نحو سورية، أمضينا أسبوعا ممتعا في دمشق ،ثم عبرنا الحدود التركية، بقينا ثلاثة أيام بين الإستراحات والمبيت في المدن، ثم غادرنا إسطنبول نحو حديقة أوربا بلغاريا، كالت فترة البقاء مستمتعون لأسبوعين بجمال الطبيعة والمدن، تمر الساعات كأنها لحظات دون ان نشعر بها، ثم توجهنا إلى اليونان حيث الغابات الكثيفة لمزارع التبغ والأمطار الكثيرة، ساحرة وممتعة بطرقها ووديانها وجبالها، إلى أن وصلنا العاصمة أثينا، أيام وليالي مخملية في أسبوعنا الأول، دب الخلاف بيننا بسبب خوف (سعد) وقلقه غير المبرر، فاضطررنا إلى الرجوع بواسطة باخرة إلى سورية لنعود بسيارتنا إلى الكويت، قررنا تكرار السفرة لكن جاءت الحرب فأغلقت الحدود وتبددت الأمال معها"ص107 .

رواية غير مملة وفيها كم هائل من المعلومات والحوارات الذكية ، ونحن مستمرون بقراءتنا النقدية لهذه الرواية الممتعة.

المشـاهدات 291   تاريخ الإضافـة 01/06/2025   رقم المحتوى 63594
أضف تقييـم