
![]() | |
فضاء التأثيث السردي وتداوله | |
![]() ![]() ![]() |
|
![]() | |
![]() | |
![]() | |
النـص :
اسمـاعيل ابراهيـم عبـد من مباغي العمل النقدي هذا ؛ التبيين والتبشير بالبُعد الأهم للوجود المنقول والمرئي والمـسمـوع والمحسوس به ؛ من الأشياء والأسماء والهيئات والحالات ثم تحويل وظائفها جميعاً لتؤلف العالم الروائي منظوراً إليه كحيز لفضاء مُتَصرَّف به حين وضعه بموضع التأثيث . أي بموضع أن يكون المالئ لفجوات ومساحات المروية كعنصر يخلق جو الروي إجرائياً , بمحاولة لخلق عالم حيوي بأكثر مما في الكلام والسلوك " والمُحَيَّن " من الحوادث , على نحو جمالي ممتع , مُزِيدٍ للوعي , بالحالة النفسية والحدثية , بمتجلياتها المتجاورة مع التأريخ والمتجاوزة له , كونه مصدراً للأحداث لا غير. انني ـ بموضوعتي هذه ـ سألم محتويات الاتجاهات المار ذكرها لتؤثث ـ وعلى نحو متضافر ـ بنيات خاصة للعرض الروائي. ان للسرد قوى وعناصر تقوم بمهمة التأثيث للحدث والحكاية ومظاهر الوقائع الإجتماعية والسياسية والاقتصادية. في الاشتغال الروائي يشترط ان تجيء عناصر مؤثثات الرواية متوافقة مع ادواتها لتصيغ حكايات واجبة الاقناع والتصديق على الرغم من كونها مخلوقات إشارية لا يبين منها سوى مظهر مضلل يستدعي لنفسه مضمرات. هي الاخرى مخلوقة ومضللة ومتحولة بحس يقع بين الوجد والعشق والعفوية والتخطيط. وعلى مسافة ليست قليلة من الحكي تُشاد مرادفات وجودية تجعل الإسم تأسيساً لمادة الحكي, ومن ثم المادة الحكائية طريقا للتسميات التاريخية اللاحقة. تتوزع اهتمامات الروائيين بحسب أدوات اشتغالهم الى رؤى فنية وثقافية , تجمع الجمال الذوقي الى المتعة شبه الفطرية , ليكون الحدس القرائي موجها أساسياً لنوع وطبيعة الاشتغال الابداعي (نصياً ودرامياً) تتمثل تلك الرؤى بروائيين لهما تجربة مهمة , عبر ثرائهما الابداعي , وقد يتاح لنا فرصة تجريب أدوات نقدية تتماهى مع مؤشرات وإشارات رواياتهم بطبقتيها؛ الفكرية والدلالية ؛ وبأسلوبيهما ، البلاغي العام والشخصي. وقائع الرواية تشيد مقامها من تجميع الوقائع المتصورة والحدثية في النسيج الحكائي للمروية كونها سبباً في وجود عالم يجمع بين الحقائق المرحّلة من الوقائع المادية الى الوقائع الذهنية, ثم عائدة مرة جديدة لتكون تأثيثا روائيا , ولتصير فيما بعد وثائق مُتَصرَّف بها روائياً . إن المؤثثات السردية كحالات وهيئات ومواضيع يقام عليها , ومنها منسوج المنظور (الإطار الفكري) المؤلف لفضاء المخلوقات الفنية المنتجة للوعي والمنفعة , في تبادلها الصوغي بين المجتمع الحقيقي والمجتمع (بوسيط راوٍ) منهمك في تصيير وإعادة تصوير , ما جرى وما يمكن أن يجري للنموذج القيمي المحطم قديماً وحديثاً . الفعل والمباغي الدافعة الى الوعي بقيمة التغيير والإسهام به , هي مؤلفات تأثيثية لمقاومة وإيقاف الهدم القيمي لئلا يصل الانهيار التام . سيكون الفعل العملي للتأثيث موسعاً للقول , بأن وصف الاشياء هو ركيزة التعبير السردي في اظهار قوى التأثيث الروائي على نحو خالد ومقنع ومبهج , كونه العنصر الوحيد في الرواية الذي لن يتعرض للموت , خاصة وأن المؤلف يموت والشخوص والراوي والمروية والعُلّية , كلهم قد يموتون . تُرى لماذا لايموت الوصف ؟ من المُبَكِّر الجزم بهذه القضية , لكن عندما نترك العنان للأموات أن يعودوا , فلن يكون من المُسْتَبْعَد عودة الديمومة لجميع العناصر الروائية بأشكال جديدة . وكل عنصر يحتاج موضعاً وزمناً يتحرك ضمنه ثم , قولاً يحمل مكامنه وظواهره , ولن يجد غير الوصف ثابتة توضِّعُهُ بمكانه من الروي . وعلى الرغم من التكثيف والانفتاح العددي للبحوث في مجال الرؤية الروائية لكن لم يتم التوصل الى فهم جيد للرواية الجديدة . وبالعودة الى المشهد العام الذي تشيده الرواية سنجد نماذج خاصة يمكن ان نبني عَبْرَها رؤية عامة مع الاحتفاظ بخصوصية الفعل الفردي لكل راو . نؤكد بعملنا (هنا) على روايات أثبتت مكانتها القرائية وانتشارها المناسب , ومن جدوى تتبعنا إياها, اننا سنكشف ما يستوطن دواخلها من ثقافة وتجريب وتأسيس وتواشج متبادل بين الرؤية الذاتية والرؤى العامة لمستقبل الرواية الفني والاعلامي لأجل ان ننشر قيم الفضيلة المعرفية عبر الوصف كأهم حقل فني في (معرفة) تلك الروايات عبر المجسات الفاحصة التي سيتممها التقصي . ومما يستدعي جدية المتابعة للرواية من الجانب التأثيثي , انها تتمتع بتنوع حيوي يمكّنها من القيام بخطوات حثيثة على مستوى اللغة والبث الاشاري والتجريب الفني محتوى واسلوباً . الفضاء كمنظومة لموجودات التأثيث , له ما يضاهية ويضافره من مكونات الروي (تسميات , حركات , أفعال , تحيينات زمانية مكانية) , فضلاً عن توافقات النسج واتساقات عناصر السرد الأساسية (الشخصيات , الأفعال , الراوي , الزمان , المكان , الحركة) والعناصر المكملة (الرؤية , الاسلوب , نموذج ادوات اللغة , تخطيطات السرد الصوري , العناوين , التسطير) . ثمة ملاحظة جديرة بالتنويه عنها هي : ان وجود المؤثثات الروائية كمرويات تداولية يمثل رؤى فنية تغامر بتقنيات عديدة تشكل (المصنوع الكتابي) كفكر روائي جمالي مواز للحركة الانسانية , وان بعض وجودها الصوري قد يساوق البعثرة المادية لكنه يلمها عبر فلسفة خاصة تستحكم الى ان : ((ـ أهم صفة للبعثرة التأثيثية أنها بعثرة للوجود الحكائي " الروائي " بالتضافر الكلي لكفاءة الجملة الروائية . ـ أن هذا الوجود المبعثر للصور التأثيثية له ملكة الجذوة الروائية كحدث يتساوق وجدانيا مع اللغة الأدائية )) ان ماديات الرواية شأن مميز بطرافته إذ هي أشياء قد تكون مدينة وصحراء ونهر ومركب , وعواطف ومظاهر كتابية , ورقائق حدثية .. الخ .. تذوب معا لتصنع عالماً مادياً هلامياً من الموجودات الشيئية الشبيهة بالماديات الحياتية الخارجة عن نظام الوجود المادي الى النموذج الذوقي . سأوجز تجارب ثلاثة روائيين ؛ بكونهم نماذج مؤهلة للتماهي مع تنوع مؤثثات السرد ؛ ان الموجز يتدرج على النحو الآتي: سلام عبود : يؤثث السرد بأصوات اللامحسوسات ، فروايته (يمامة , في الالفة والألاف والندامة " ـ دارالحصاد , سوريا,2001). هي رواية الإحساس المفرط بالأشياء , حدسا لا لمساً . قرطبة مدينة مستعادة . مدينة فاصلة بين مرحلتين , مرحلة الرخاء والجمال والرفاهية والحرية والعشق والعلم , مرحلة لم يمر بها كاتب تأريخها الوجدي سلام عبود , ومرحلة جديدة لمدينة منتهكة متراجعة في كل شيء, ترمز لكل الخراب في الارض والنِعَم الربانية . مرحلة الخراب هذه استعادها الروائي سلام عبود كرواية تأخذ أوصالها المبتورة والملمومة من أوصال الجسد البشري الذي قدَّ من طينها وصخرها وعشبها ومائها وعيون نسائها.. هي رواية الحيز الموصوف, والمميز والمرتَّب , بحسب بيئة تقارب بين الوجد والفكر والوهم والتعيّن . ترى أية مواضعات للفهم تنغرس في موصوفات " يمامة , قرطبة "؟ وارد بدر السالم : انه يتصفح الوجود الروائي عبر الوجود الكمي للراوي والشخصية والمروية ، مؤكدا على ما تتوفر من مساحة للحدث الروائي ، يديم بها الوجود السردي بوصفه روياً للمروي فيه ،ذي الملومسات الشيئية ؛ ثري المظهر والجوهر ؛ يختبر مادتها وهلامها ؛ وعلائقها المثيولوجية عبر روايته (تجميع الأسد : الدار العربية للعلوم ، ناضرون ، بيروت 2014 بيروت)، وهو في لعبة السرد يتماهى مع مهمة السرد وتاريخه ، يخلق الحدث بموضع مسقط وحدسي وغير قابل للفعل الفردي . حامد فاضل: يلج التأثيث السردي عبر توليفات مادية ومعنوية حدثية ووصفية ؛ متبدلة . انه بروايته (بلدة في علبة : دار سطور , بغداد , 2012) ، هو الأكثر عمقاً في واقعية , يحول الحيز الروائي فيها الى أُرث حضاري مشبع بقوى السرد التي تستعيد المدينة الصحراوية , وتعيد لها عنوانها المحير المتغير بحسب مرور الزمن التأريخي ، واثناء ذلك يتشكل الفضاء المكاني (المؤثثثات) ، ليُصاغ أحداثاً منسجمة مع المؤثثات الاعظم (المدينة) ، بشرط ان يلائم مظهرها وحركتها مزاج وطبائع شخصياته وأن لا يتضمن أية مفارقة دون هدف مسبق. الروائي سلام عبود
| |
المشـاهدات 25 تاريخ الإضافـة 06/07/2025 رقم المحتوى 64592 |

![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |