
![]() | |
الدكتور سالم شدهان يكتب عن فيلم من اجل ولدي ممن اجل ولدي ..مابين الثيمة والشكل الفيلمي | |
![]() ![]() ![]() |
|
![]() | |
![]() | |
![]() | |
النـص :
أولا : الثيمة ماذا فعل الأب من أجل ولده ؟ ..بكى, تألّم ؟..جاهد؟..شجّعه وهو يلعب كرة القدم؟ ..وماذا بعد؟..ولماذا سار الفيلم بخط واحد رغم الخطوط الثانوية التي تشظّت بلا بداية ولا نهاية: منها العلاقة المتوترة مابين الاب والام, ومنها التساؤل الذي بقي بدون جواب , أو با لأحرى بدون توضيح, وبدون ضرورة تذكر ألا وهو موضوع العبوة الذي لم يساهم في بناء الثيمة وبقي مموّها. كذلك الحبكة التي سحبت الموضوع باتجاه تأويلات شتى, وأثارت لدى المتلقي جملة من التساؤلات منها : هل كان الأب مجاهد؟ أم إرهابي؟ وهو مع من وضد من؟ ومن الذي هدّد وجوده؟.. ولماذا وضع ولده في سيارته القديمة فاقدا الوعي وقنينة المغذي في جسده, مسجيّا في حوض السيارة القديمة الخلفي, ثم ذهب الى التلال القبيحة المنظر كي يخفي العبوة ومن ثم يعود مرّة اخرى كي يرميها في نفس المكان. والسؤال الأهم هنا لماذا كان هذا التحوّل الدرامي وما الذي جرى كي يغيّر رأيه ويرمي العبوة, ولماذا كانت في سيارته وهو ينقل ولده عبر السيطرات المشدّدة, هل كان يبغي التستر بولده كي ينقل العبوة الى مكان ما؟ وهل كان الموضوع من اجل عبوتي أو من أجل ولدي؟. يبقى الفيلم عبارة عن مجموعة من الأسئلة التي بقيت مجهولة الجواب, كما أنها بقيت دون انتماء وضاعت الثيمة مابين توجه الاب الغير معلوم وبين الطفل الذي كان ضحية لحماقات الاب ورفضه استقبال من يلائم (نخاعه) والذي يمكن ان يكون سببا في شفاءه, في حين قام بجمع بعض من معارفه الذي يبدو من خلال بعضهم بانهم مجانين معتوهين ودون رأي, فما سلطته عليهم حتى يقودهم كالخراف الى المختبر من اجل ان يجد من يصلح نخاعه لنخاع ولده, وحينما جاءه الحل من متطوّع هو عبارة عن رمز الخلاص رفضه. اذن ماذا يريد الاب الذي يميل باتجاه الارهاب اكثر مما يميل باتجاه الجهاد ذلك لانه يعيش ملامح العزلة حتى مع عائلته التي شاهدناها في مشهد الطعام بلا ضرورة و من دون اي توضيح, ومن دون جواب, والمشهد عبارة عن لقطات تتناوب مابين البنت والولد والام والاب جعلت المتلقي ينتظرحدثا كان ممكن ان يتفجّر من خلال تلك اللقطات التحذيرية التي بني من خلالها المشهد لكن لم يحدث شيء, وسار الفيلم وهو يحمل اسئلته الغير منطقية. فالمنطق في السينما لاتقوده لقطات وربط مونتاجي وحركة كاميرا وحركة داخل المجال فقط من دون دلالات تساهم في بنية علاقات الثيمة . والواضح ان عواطف الأب تقاطعت مع افعاله, وبقيت غير واضحة وغير مبررة وفق المنطق الفني الذي لايبنى الاّ على أسس علمية ترتكز على بنية السبب والنتيجة والزمان والمكان, والسؤال وملامح أو دلالات توحي بالجواب . أذن ضاعت الثيمة وتبدّد وقت المشاهد مابين الانتظار كي يجد جواب لبعض تساؤلاته المنطقية, بل ان المشاهد لم يتعاطف لا مع الاب ولا الام ولا حتى الطفل الذي جاءه المرض بشكل مفاجيء بعد ان كان يلعب كرة القدم بسيطرة وتألّق. ثانيا:الشكل اضافة الى ان النسخة لم تكن صالحة للعرض تقنيّا لا من حيث اللون, ولا من حيث ال(كوالتي), كان الأجدر بالشركة المنتجة أن تهيء نسخة صالحة كي تقدّمها للجمهور في عرض له غرض مهرجانيّ على ماأظن . ..لكل فيلم بيئة تحتظنه, يتبادلان الانتماء, لكن هذا الفيلم لم يناصر البيئة وأساء لها فجاء الشكل فقيرا فجّا اشتغل على ملامح القبح ولم يشتغل على ملامح الجمال, إذ لم نشاهد سوى الاتربة والعمّالة المعدمين والسيارات الهائجة التي تصارع الاتربة , والبيوت القديمة المتجاوزة, وحينما دخل الى المدينة لم نشاهد جمالها بمراقدها البهيّة ولا الزائرين ولهفتهم الايمانية, ولا كربلاء الجميلة التي يستأنس الزائر بمجرّد الدخول اليها. فهل كان الفيلم يعي ذلك, وهل تقصّد بإظهار هذا الفقر في بيئة يعج شكلها بالجمال والهيبة؟ ونتيجة اشتغال جانب الثيمة بمعيّة الشكل يتبيّن بأن الفيلم يحمل رسالة لاتساهم في توجّه الجهة المنتجة. وعكس هذا الفيلم عدم وعي الجهة الرقابية على هذا المنجز الذي كان يمكنه أن يساهم في الكشف عن القوة الايمانية للشخصية العراقية, كذلك يكشف عن جمال كربلاء ويروّج للسياحة الدينية, لكن كل ماشاهدناه من الشكل والمضمون جعلنا نشكّك بتوجّهها خاصّة وان هناك جهد واضح في الاشتغال الاخراجي والمونتاجي والتصوير لكن كل شيء جاء في غير صالح بيئة الانتاج ومقاصدها..وكم كنت اتمنى ان يتم اسناد العملية الفنية لفنانين وفنّيين عراقيين تحت اشراف القامة السينمائية الكبيرة مجيد مجيدي, لكن للأسف ضاعت الفرصة على الشركة المنتجة وعلى الفنان العراقي وعلى المتلقّي الذي جاء بلهفة كبيرة كي يتمتّع بمشاهدة جمالية متفرّدة.: | |
المشـاهدات 20 تاريخ الإضافـة 16/07/2025 رقم المحتوى 64866 |