منذر عبد الحر

ليس غريبًا أن يحتفي قضاء حديثة الباسل الأبيّ بالجمال والإبداع بعد أن سطّر أبناؤه الغيارى ملحمة وطنيّة بطوليّة لو اطّلعت عليها الأجيال لدوّنت تفاصيلها بحروف من ذهب , حديثة التي قاتلت وأعطت شهداء وتضحيات وتحمّلت حصارًا شديدًا قاسيًا حتى صار معلومًا لدى جميع المتابعين والمراقبين للشأن العراقيّ أن كيس الطحين فيها صار يباع بمبلغ مليون دينار...

ومع هذا صبر أهلها وتحمّلوا لكنهم لم يسمحوا لقوى الشرّ الظلاميّة المتمثلة بحشود داعش المجرمة , أن تدنّس تربة مدينتهم الطاهرة حتى انجلى الموقف ورفعوا رايات النصر والظفر التي صارت علامة مضيئة في سفر العراق الخالد ....

القصص التي سمعناها – ونحن ندعى للمشاركة في لجنة التحكيم الخاصة باختيار شاعر الأنبار عن الشعر الفصيح مع زملائي الشاعرين مضر الآلوسي ونذير المظفر والأستاذ الدكتور عبد الكريم , علماً أن هناك لجنتي تحكيم أخريين الأولى لاختيار شاعر القصيدة النبطيّة والثانية لاختيار شاعر القصيدة الشعبيّة – أقول إن القصص التي سمعناها وهي تروى ببساطة وحماس هي قصص بطولات مدهشة وتضحيات جسيمة وتحمّل جبّار وقدرة هائلة وإيمان راسخ بالدفاع عن الأرض وأهلها وعدم تمكين جرذان داعش من تدنيسها ...

مثل هذه القصص يجب أن لا تمرّ مرورًا عابرًا , وأن لا يتردد أصحاب القصص البطوليّة من الإفصاح عنها بأعلى أصواتهم الشريفة , وأن يسعى الإعلام المنصف لتوثيقها بأكثر الوسائل تأثيرًا كي تعرف الأجيال القادمة كيف صمد أهل حديثة الأبطال شيوخاً وشباباً , نساء ورجالاً لتظلّ مدينتهم عامرة طاهرة عذراء لم يمسسها سوء ...

وحيث أتحدّث هنا عن حديثة وعن الفعّاليّة المتميزة التي أقيمت فيها وهي اختيار شاعر الأنبار عن ثلاثة ألوان من الشعر , فلابد لي من توجيه الشكر والثناء للجهود الخيّرة التي وقفت وراء نجاح هذه الفعاليّة الكبيرة وخصوصاً البروفيسور المهندس خالد بتّال النجم الذي حرص على أن يتابع أدقّ التفاصيل من أجل إنجاح هذه التظاهرة الثقافية التي فعلاً كانت تليق بالمدينة وأهلها , والجدير بالذكر أن البروفيسور النجم قد شارك بكلّ فاعليّة وشجاعة وإيمان بملحمة صدّ أبناء حديثة لغزو جرذان داعش وفقد شهيدين من إخوته وقد جرح الثالث , ومع هذا لم يهتز , وحين أراد بعض الوجهاء والشيوخ تقديم التعازي له , قال لهم , إن الذي يريد أن يقدم التعازي لي فليقدمها على الساتر , ولا أنسى هنا دور دائرة العلاقات الثقافية العامة - البيت الثقافي في حديثة , حيث قام كادره بتوفير أدقّ التفاصيل لجميع الضيوف والمشاركين والمعنيين وقد اختتمت فعاليات مسابقة شاعر الانبار 2025 بحفل ختام بهيّ بحضور رسميّ وجماهيريّ كبير وكذلك بحضور وزير الصناعة والمعادن ووزير الثقافة والسياحة والاثار.

 ابتدأت الجلسة الختامية بعزف النشيد الوطني العراقي وقراءة سورة الفاتحة على أرواح الشهداء بعدها ألقى الأستاذ الدكتور خالد بتّال النجم وزير الصناعة والمعادن  راعي المهرجان كلمته التي تحدّث فيها عن أهمية إقامة مثل هذه النشاطات للنشأ الجديد وذلك لتحفيز المواهب الإبداعية وبيّن في كلمته أن مسابقة شاعر الأنبار ستصبح تقليدًا يقام في ذات التوقيت  من كل عام في مدينة حديثة.

 ,بعدها ألقى الأستاذ الدكتور أحمد فكاك البدراني وزير الثقافة والسياحة والآثار كلمته التي تحدّث فيها عن المسابقات التي تطلقها وزارة الثقافة في شتى المجالات الإبداعية وأضاف في كلمته عن المقاربة التاريخية لمدينة حديثة مع الموصل الحدباء التي ينتمي إليها وقال (كل المدن يشهد لها التاريخ بأنها مدن موغلة بالقدم إلا مدينة حديثة فهي قديمة لكن تبقى حديثة لتأخذ من اسمها نصيبًا ) بعدها انطلقت التصفيات النهائية لاختيار شاعر الأنبار للشعر العربي الفصيح, والنبطي ,والشعبي بحضور جميع اللجان التحكيمية ,وأعلنت  النتائج التي أسفرت عن فوز الشاعر الدكتور محمد ناظم بالمركز الأول في الشعر العربي الفصيح.  والشاعر قيس الكروت بالمركز الأول  والشاعر محمّد الشمري الأول المكرر  في الشعر النبطي و فوز الشاعر عدنان الفهد  بالشعر الشعبي .

وفي الختام قدمت الدروع والهدايا التقديرية وكتب الشكر من وزيري الصناعة والمعادن والثقافة والسياحة والآثار للجان التحكيمية والفائزين الثلاثة الاوائل لكل نوع من أنواع الشعر ولأعضاء اللجنة التنظيمية .

 جدير بالذكر ان مسابقة شاعر الأنبار امتدّت ثلاثة أيام شهدت منافسة شرسة بين جميع الشعراء المشاركين في المسابقة لكل نوع من أنواع الشعر واحتضنت دائرة العلاقات الثقافية العامة  البيت الثقافي في حديثة تصفيات المسابقة .

تحية اعتزاز وتقدير لحديثة وأهلها والمسؤولين فيها وهم يقدّمون هذه التجربة الإبداعيّة والجماليّة , بعد أن قدّموا دروساً في التضحية والشجاعة .