الأحد 2025/10/19 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
نيوز بار
دوري النخبة بين المدربين المحترفين والمحليين
دوري النخبة بين المدربين المحترفين والمحليين
الملحق الرياضي
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

 

نصير الزيدي

 

يشكّل دوري النخبة العراقي واجهة كرة القدم في البلاد، ليس فقط من حيث المنافسة بين الأندية داخل المستطيل الأخضر، بل أيضًا على صعيد دكة البدلاء التي باتت ساحة للتجاذب بين المدربين المحترفين القادمين من الخارج والمدربين المحليين الذين يمثلون العمق الكروي للعراق. هذا التباين فتح بابًا واسعًا للنقاش حول أيّهما الأصلح لقيادة فرق الدوري، وما انعكاساته على مستوى البطولة.

 

من أبرز مميزات المدربين الأجانب أنهم يحملون معهم خبرات وأساليب تدريبية حديثة، مستمدة من المدارس الكروية العربيه والغربيه هؤلاء عادة ما يقدّمون خططًا تكتيكية متطورة، ويولون اهتمامًا كبيرًا بالجانب البدني والتحليل الرقمي للمباريات، وهو ما ينعكس على ارتفاع مستوى بعض الفرق عند تطبيق برامجهم.

لكن في المقابل، يواجه هؤلاء المدربون تحديات عديدة، أبرزها صعوبة التأقلم مع طبيعة اللاعب العراقي الذي يتميز بالعاطفة والاندفاع أكثر من الانضباط التكتيكي. كما أن ضعف البنية التحتية، وعدم انتظام المسابقات في بعض المواسم، يشكّل عائقًا أمام تطبيق فلسفاتهم التدريبية. يضاف إلى ذلك أن الكلفة المالية للتعاقد معهم غالبًا ما ترهق ميزانيات الأندية، خصوصًا إذا لم تتحقق النتائج المرجوة سريعًا.

 

أما المدربون العراقيون، فيمتلكون ميزة أساسية تتمثل في قربهم من عقلية اللاعبين وفهمهم العميق لظروف الدوري وإشكالاته. المدرب المحلي عادة ما يعرف كيف يحفّز لاعبيه نفسيًا ويستثمر قدراتهم في ظل الظروف الصعبة، وهو ما يمنحه قدرة على تحقيق نتائج جيدة رغم قلة الإمكانات.

لكن الإشكالية تكمن في أن بعض المدربين المحليين لم يحظوا بفرص كافية للاحتكاك الخارجي أو حضور دورات تدريبية متقدمة، ما يجعلهم أحيانًا متأخرين عن نظرائهم الأجانب من حيث مواكبة الأساليب الحديثة. ومع ذلك، أثبتت التجارب أن العديد من الأسماء العراقية اللامعة – مثل راضي شنيشل وباسم قاسم وغيرهما – نجحوا في قيادة فرق محلية ومنتخبات إلى إنجازات معتبرة، حين توفرت لهم الثقة والدعم.

 

إن التجربة العملية في الدوري العراقي تشير إلى أن نجاح أي مدرب، سواء أجنبي أو محلي، يعتمد بدرجة أساسية على البيئة التي يعمل فيها: دعم إداري، استقرار مالي، وبناء فريق متماسك. فالمدرب الأجنبي قد يرحل سريعًا إذا اصطدم بالواقع، فيما يستطيع المدرب المحلي كتابة نجاحات كبيرة إذا مُنح الصلاحيات الكاملة.

لذلك، فإن الحل الأمثل يكمن في تحقيق توازن: الاستفادة من الخبرات الأجنبية في تطوير طرق التدريب، ونقل المعرفة إلى الكوادر المحلية عبر ورش ودورات عملية، وفي الوقت نفسه منح المدربين العراقيين مساحة أكبر للتطوير والمشاركة في تجارب خارجية تعزز خبراته

 

يبقى دوري النخبة بحاجة إلى مشروع متكامل يدمج بين خبرة المدربين الأجانب وحماسة وواقعية المدربين المحليين. فالمسألة ليست في جنسية المدرب بقدر ما هي في استقرار البيئة الكروية وتوفير مقومات النجاح. وإذا ما تحقق هذا التوازن، فإن الدوري سيشهد نقلة نوعية ترفع من شأن الكرة العراقية على المستويين المحلي والقاري.

المشـاهدات 1208   تاريخ الإضافـة 25/09/2025   رقم المحتوى 66891
أضف تقييـم