الإثنين 2025/10/20 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 22.95 مئويـة
نيوز بار
فلسطين و الرؤية الدينية
فلسطين و الرؤية الدينية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين عبد القادر المؤيد
النـص :

من الخطأ الفادح، إدخال الرؤية الدينية للأديان الثلاثة، في الملف السياسي الفلسطيني، ذلك أن اليهود مختلفون في هذا الملف اختلافًا دينيا لا مجال للوفاق فيه، فالسامريون الذين يستندون إلى نسخة يحتفظون بها من التوراة تنتسب إلى النبي هارون عليه السلام، و فيها الكثير من الاختلافات مع التوراة المتداولة عند باقي اليهود، و لا يعترفون بغير الأسفار الخمسة، يرون أن جبل جرزيم في نابلس، هو المكان المقدس و هو القبلة لليهود، و يرون أن القدس ليس لها مكانة في الدين اليهودي، و أن سليمان الملك - و اليهود عموما لا يرون أن سليمان نبي - قد ارتكب معصية ببناء الهيكل في القدس، و يقرون بحق الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية، و هم متعايشون تاريخيا مع الفلسطينيين بسلام و  وئام. و اليهود المعروفون بناطوري كارتا، و فيهم شخصيات دينية و فكرية رفيعة المستوى، يعتقدون بعدم مشروعية قيام دولة يهودية و بناء الهيكل، قبل مجيء المسيح المبشَّر به في الديانة اليهودية، و ينادون بحق الفلسطينيين في حكم فلسطين، و أن لليهود العيش معهم في دولة فلسطينية. هذا مع غض النظر عن الخلاف المحتدم بين علماء الآثار المتخصصين - و فيهم يهود - حول السردية التاريخية التي تستند اليها الرؤية الصهيونية. إذن مع هذا الاختلاف الديني الجوهري الذي لا علاقة فيه للكم العددي للمختلفين في ترجيح طرف دون آخر، و الخلاف العلمي حول السردية التاريخية، لا يمكن لليهود المؤمنين بالصهيونية، أن يفرضوا رؤيتهم الدينية و سرديتهم التاريخية على غيرهم، و أن يجعلوها مستندا لهم للسيطرة على فلسطين. و من غير المنطقي أن يخضع العالم لرؤية دينية لطرف معين، لا توافقه عليها الأطراف الأخرى من أبناء الدين نفسه. كذلك، لا يوجد اتفاق مسيحي مع اليهودية الصهيونية، على رؤيتها الدينية، فهناك قطاع كبير من المسيحيين لا سيما المشرقيين، يعارضون هذه الرؤية، و لهم تفسير آخر لنصوص العهد القديم المتصلة بمنح الأرض المقدسة لبني إسرائيل. و على هذا لا يصح للسياسة الدولية، و التي يفترَض أنها علمانية، اعتماد سياسة موافقة للرؤية الصهيونية، استنادا إلى تفسير لا تتفق عليه الكنائس المسيحية.كذلك لا يمكن رسم سياسة الدول العربية و الإسلامية في الملف الفلسطيني، استنادا إلى الرؤية الدينية التي تذهب إلى أن فلسطين كلها أرض خاضعة للسيادة الإسلامية، لأن غير المسلمين لا يتفقون مع هذه الرؤية و لا ينساقون معها، و لا يمكن فرضها كرؤية دينية على اليهود و المسيحيين، و لأن الاستناد إلى هذه الرؤية من شأنه استمرار الصراع الذي يستنزف طاقات الأمة كلها و يعرقل مسيرتها من دون نتيجة، لأن موازين القوى و معادلات النظام العالمي الذي يهيمن على مقاليد السياسة، و ما تعيشه الأمة في أوضاعها من سلبيات، لا تتيح حسم هذا الصراع لصالحها، و قد جربت شكلين من أشكال الصراع، أحدهما عبر حروب خاضتها جيوش دول ذات عدة و عدد، و الآخر عبر قتال فصائل فلسطينية مسلحة من داخل منظمة التحرير الفلسطينية و من خارجها، ربما كان قتالها أشد وقعا من جيوش جرارة، و لم يصل كلا الشكلين إلى نتيجة، لأن المعادلة الدولية أقوى و لا تتيح حسم الصراع لصالح الفلسطينيين.   إذن، يجب أن يكون الحل عند الجميع، سياسيا مستندا إلى معطيات السياسة فقط و فقط.   و في ضوء معطيات السياسة، يجب أن يكون الحل، في إطار ما يلي:-١- قرارات الأمم المتحدة، التي تعترف بدولة إسرائيل و تمنحها شرعية دولية، و على هذا فهي عضو في الأمم المتحدة. و قرارات الأمم المتحدة، التي لا تقر بشرعية الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي التي تحتلها إسرائيل، خارج الحدود المعترف لها بها أمميا.  ٢- المبادرة العربية و التي تتطابق مضامينها مع الشرعية الدولية.    و على أساس هذه المعطيات، يجب أن يتحقق إجماع دولي ملزم على الحل السياسي في الإطار المتقدم بعيدا عن أية رؤية دينية مقدسة.

المشـاهدات 126   تاريخ الإضافـة 18/10/2025   رقم المحتوى 67465
أضف تقييـم