رمز على الجدار
![]() |
| رمز على الجدار |
|
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
| النـص :
مروة محمّد
عند أطراف المدينة يقبع قصر مهجور محاط بأسوار شاهقة، والناظر إليه يتمتع بفن عمارتها وتلك الأشكال الهندسية المنتظمة.. النسور تحوم حوله كأن هناك طريدة يتسابقون عليها لاقتناصها وعندما تقترب لتنقض عليها تهرب فزعة مما ترى من ذلك المنظر الرهيب.. اجساد بشرية وحيوانية متحجرة فوق الجدران وأخرى مصلوبة عليها. لم تكن تلك الجدران مثل باقي الأسيجة الأخرى. كأنها لوحة فنية نقشت عليها بحروف وطلاسم طوب قديم متهرئ وبعض حجارته مختلفة بعمق تاريخها أغمق لونا وأشد صلابة. كان مزاراً للسائحين والعلماء وبعض المرشدين والكسبة من الناس ظهرت عليه رموز غريبة، محفورة بدقة متناهية ظن البعض أنها طلاسم، وقال آخرون إنها مجرد فوضى عقل مجنون أو فن معمول بثقة راعيه ليكون شاهدا على تلك الحقبة من الزمن. إلا ذلك الرجل يعلم ويعرف معنى تلك الرموز تماماً رجل ستيني ذو لحية كثة وعيون غائرة تحمل عمق التاريخ وحكايات الألم والخبرة، يأتي كل مساء يجلس أمام الجدار، يلمسه بيديه المتجعدتين، يحدق في النقوش، ثم يهمس لنفسه: الوقت ينفد..وباقي المارة اعتادوا رؤيته لكنه بقي لغزاً إليهم من هو؟ ولماذا يختار هذا الجدار تحديداً؟ لا أهل له، ولا بيت، كأنه خرج من بين طيات الأرض وطلاسمها ليحرس هذا الجدار الذي لم يغادره ألبتة. في يوماً ما، وصل شاب غريب إلى الحي وقف طويلًا أمام الجدار، ثم أخرج ورقة قديمة مطوية بعناية. كانت الورقة نسخة مطابقة للرموز على الجدار، مع سهم صغير يشير للأسفل من زاوية الطوب. لاحظ العجوز ذلك، لكنه لم ينبس ببنت شفة بكلمة واحدة محاولات اكتشاف هذا السر الغامض ليكتب إليه . وفي اليوم التالي، اختفى فجأة تساؤلات ملأت الحي: أين ذهب؟ وماذا عن الشاب الغامض؟ لكن الشاب اختفى أيضا دون أثر. مرت الأيام، حتى جاء طفل صغير يلعب قرب الجدار. تعثر بحجر صغير وحاول رفعه ليجد تحته تجويفاً مخفيا يحتوي على علبة معدنية صدئة. فتح العلبة بحذر، فوجد بداخلها: صورة قديمة لرجل يشبه العجوز، لكنه يرتدي زيا عسكرياً . خريطة ممزقة تحمل خطوطا تشبه مجرى الانهار ملاحظة مكتوبة بخط يد مترددة: -اذا وصلت إلى هنا، فأنت أقرب مما تظن الجدار لا ينسى، لكنه لا يحمي الجميع فجأة، بدأ الجدار يهتز ببطء، وكأنّه يتنفس. شقها بهدوء حذر كاشفا عن ممر ضيق مضاء بأضواء خافتة، تنبعث منه رائحة عتيقة بعبق تاريخها وغامضة بهمسها الابدي. سمع الطفل همساً متقطعاً: لا تفتح الباب خوفا عليك من ان تغلق وراءك تراجع الطفل مذعورا، وفجأة ظهر العجوز، عيناه تلمعان بحزن عميق ورهبة بصوت خافت، قال له: لقد حان الوقت هذا الجدار ليس مجرد ذكرى، بل سجن كبير سأظل هنا لأحرسه حتى لاتعبث به الأيادي الآثمة انه سر بلادي حتى لا يطلق سراحه أبداً، ثم تنهد بعمق، واختفى كما لو كان جزءاً من الجدار نفسه انغلق الممر فجأة، وعاد الجدار صامتا، بلا رموز أو إشارات. منذ ذلك اليوم، لم يجرؤ أحد على الاقتراب من الجدار كانوا يعلمون أخيرا أن خلفه يكمن سر كبير قد يدمر كل من يحاول كشفه. الجدار لم يكن مجرد شاهد على الماضي بل حارساً لقصة لم تكتب نهايتها بعد. |
| المشـاهدات 40 تاريخ الإضافـة 25/10/2025 رقم المحتوى 67638 |
أخبار مشـابهة![]() |
رمزية النص عند الشاعرة فرح دوسكي
|
![]() |
العين الاميركية على النفط العراقي |
![]() |
اصدرت 3123 قرارًا جديدًا للمفصولين السياسيين الموظفين وغير الموظفين
الامانة العامة لمجلس الوزراء تنفي فرض نظام جباية على المواطنين |
![]() |
القبض على مشعوذ حاول تهريب مواد سحرية عبر سيطرة الشهداء في بابل
|
![]() |
مركز حقوقي يدعو المفوضية الى تمديد فترة تسجيل مراقبي الانتخابات
احصائية جديدة للمفوضية بالغرامات المفروضة على المخالفات الانتخابية |
توقيـت بغداد









