الثلاثاء 2025/10/28 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 31.95 مئويـة
نيوز بار
المال السياسي يحضر... والبرامج تغيب
المال السياسي يحضر... والبرامج تغيب
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب صباح تبينه
النـص :

 

 

 

مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية لعام 2025، يبدو أن المشهد السياسي يعيد إنتاج نفسه بصورة تكاد تتطابق مع تجارب الدورات السابقة ، وبدل أن تتصدر البرامج الانتخابية المشهد كمعيار للتنافس بين القوى السياسية ، عاد المال السياسي، والنفوذ الاجتماعي، والخطاب الطائفي ، ليتحكم في ملامح السباق نحو البرلمان .في الوقت الذي ينتظر فيه المواطن العراقي حلولا حقيقية لأزماته المتراكمة ، من الفساد إلى البطالة، ومن سوء الخدمات إلى انهيار البنية التحتية ، نرى أن غالبية الأحزاب والمرشحين ما زالوا يركزون على الوجوه والشعارات أكثر من تركيزهم على الخطط الواقعية والبرامج المدروسة ، الخطاب الانتخابي السائد لا يتجاوز حدود الوعود الفضفاضة التي فقدت بريقها لدى الشارع العراقي .تُظهر تقارير المراقبين أن عددا قليلا فقط من المرشحين قدموا رؤى اقتصادية أو اجتماعية واضحة ، بينما الغالبية اكتفت بتكرار العبارات العامة حول  " الإصلاح " و" خدمة المواطن ". أما الأحزاب الكبيرة ، التي تمتلك الموارد والدعم ، فاختارت الاعتماد على قوتها التنظيمية والمالية بدلا من تقديم مشروع وطني شامل يقنع الناخبين .المال السياسي ، الذي كان أحد أبرز أسباب تشويه العملية الانتخابية في السنوات الماضية ، يعود بقوة هذه المرة .فشراء الأصوات بطرق مباشرة أو عبر تقديم الخدمات والمساعدات بات سلوكا متجذرا في ثقافة المنافسة الانتخابية ، ما يجعل التغيير الحقيقي شبه مستحيل في ظل غياب رقابة صارمة وإرادة سياسية للإصلاح .في المقابل يعبر الشارع العراقي عن إحباطه المتزايد من هذا النمط من الممارسات ، إذ يرى المواطن أن الانتخابات لم تعد أداة للتغيير بقدر ما أصبحت وسيلة لتجديد الوجوه نفسها ضمن قواعد اللعبة القديمة ، ويخشى كثيرون أن يؤدي استمرار هذا النهج إلى المقاطعة عن المشاركة في الانتخابات ، بما يفرغ العملية الديمقراطية من مضمونها .إن غياب البرامج الانتخابية الحقيقية لا يعكس فقط ضعف البنية الفكرية للأحزاب ، بل يكشف أيضا عن أزمة عميقة في العلاقة بين الطبقة السياسية والناخب ، فبدلا من تقديم مشروع وطني جامع يعيد الثقة بالدولة ، تنشغل الأحزاب بحسابات النفوذ والمصالح ، ما يجعل مستقبل الإصلاح في العراق رهينا لإرادة شعبية غاضبة تنتظر لحظة التغيير الحقيقي .وفي النهاية ، تبقى الحقيقة المؤلمة واضحة : المال السياسي يحضر بقوة... والبرامج تغيب ، ليبقى المواطن وحده من يدفع ثمن هذا الغياب المتواصل للعقل والضمير في العملية السياسية العراقية .

 

المشـاهدات 86   تاريخ الإضافـة 26/10/2025   رقم المحتوى 67711
أضف تقييـم