السيادة على المحك.. اختيار رئيس الحكومة الجديدة![]() |
| السيادة على المحك.. اختيار رئيس الحكومة الجديدة |
|
كتاب الدستور |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب نوري حمدان |
| النـص :
إن اختيار رئيس الحكومة في العراق يعد في كل دورة سياسية حدثاً مركزياً، ليس فقط من منظور التوازنات الداخلية بين الكتل والطوائف، بل أيضاً بوصفه اختباراً لسيادة القرار العراقي من جهة، ولتأثيرات القوى الخارجية من جهة أخرى. وفي هذا السياق، تأتي تصريحات لسياسيين ومراقبين من داخل الإطار التنسيقي وخارجه، باعتبارها مدخلاً مهماً للنقاش، لا سيما عند مقارنتها بتحليلات مؤسسة مركز صوفان للأمن والدراسات الأميركية التي أكدت أن واشنطن "مضطرة" لضمان بقاء محمد شياع السوداني في موقع رئاسة الحكومة لمنع هيمنة مرشح موال لإيران مثل نوري المالكي، بحسب وصف المركز، الذي أشار إلى للضغط في بغداد على تفكيك بعض الفصائل المسلحة.يطرح هذا المشهد مجموعة من الأسئلة: إلى أي مدى يحمل اختيار السوداني بعدا استقلاليا عراقيا؟ وهل يتحول إلى ورقة بيد قوى أجنبية؟ وما هي تداعيات ذلك على الواقع الداخلي للعراقيين وعلى التوازنات الإقليمية؟
ما قاله مركز صوفان الأميركي
تحليلات المركز تشير إلى أن إدارة الرئيس الأميركي تشير إلى الثلاثي الآتي:أولا، أن السوداني ينظر إليه داخلياً وإقليمياً باعتباره صاحب قدرة على حماية المصالح الأميركية في العراق.ثانيا، أن واشنطن تمتنع عن السماح بأن يهيمن " المالكي وهو خصوم السوداني" على الحكومة العراقية الجديدة.ثالثا، أن مهمة المبعوث الأميركي إلى بغداد تشمل منع صعود مرشح موالٍ لإيران، والضغط على بغداد لتفكيك الفصائل المسلحة.هذا التوصيف يضع اختيار رئيس الحكومة العراقية في خانة الصراع الأميركي–الإيراني، ويحوله من مجرد منافسة داخلية إلى معركة نفوذ إقليمية، على حد تعبير المركز.
خلفية شخصية: محمد شياع السوداني
السوداني يظهر باعتباره شخصية رئيسية في المشهد العراقي: تقلد مناصب وزارية مهمة، ويأتي في لحظة سياسية دقيقة، حيث تبحث عدد من الكتل الشيعية وغيرهما عن مرشح قادر على الدمج بين القدرات التنفيذية والحس السياسي. ومن ثم، فإن بقاءه أو فوزه في رئاسة الحكومة لا يمكن فصله عن الصراع بين المالكي، الذي يتمتع بشبكة علاقات قوية إقليمياً ومحلياً وبين قوى تسعى إلى إعادة ترتيب الفعل الشيعي داخل الدولة العراقية.
ردود الفعل المحلية والإطارية
داخل الإطار التنسيقي نفسه، ظهرت ردود فعل متفاوتة: البعض يراه تكملة لمشروع الإصلاح وترسيخاً لموقع الدولة، والبعض الآخر ينتقد قربه من واشنطن، معتبرين أن ذلك قد يمنحها قدرة غير مسبوقة على توجيه القرار العراقي.على صعيد المواقع الإخبارية، جاءت آراء مترافقة مع الشكّ الشعبي: "نحن قد أدّينا واجبنا" قال أحد سائقي تاكسي في بغداد بعد الانتخابات، لكنّه أضاف: "الآن عليهم أن يوفوا بوعودهم".هذه التوجهات تعبر عن درجة من التفاؤل الحذر، وعن إحساس بأن الانتخابات أو التعيين قد لا تغير شيئا جذرياً إذا ظلت التوازنات الكبرى، المحلية والإقليمية، ثابتة.
أبعاد إقليمية وجيوسياسية
من منظور إقليمي، تُشير المعلومات إلى أن إيران ما تزال تراهن على استعادة موقعها الذي تراجع بفعل تحركات الأخيرة التي شهدتها المنطقة. وفي هذا الإطار، يحذر مركز صوفان من أن واشنطن تسعى لضمان عدم وصول مرشح موالٍ لطهران إلى رئاسة الحكومة.وبالفعل، التحليل المتناول في الصحف الأجنبية (مثل "لو موندو" لـ الSudani) يُبرز أن الرجل يحاول أن يُعلن شعاراً "العراق أولاً" ويوازن بين واشنطن وطهران، إلا أن ذلك لا يُخفي حقيقة الاعتماد المتبادل والخطّ الرفيع الذي يمضي فيه. من هنا، يصبح اختيار رئيس الحكومة بوابة لاختبار قدرة بغداد على المناورة، لا مجرد تشكيل داخلي للحكومة.
في هذا السياق، يمكن طرح النقاط النقدية التالية:
أولاً: رهان واشنطن على السوداني قد يكون قصيراً الأمد، أو على الأقل محفوفاً بالمخاطر. إذا فشل في تحقيق إصلاحات جوهرية أو بقاء الدولة عاجزة عن السيطرة على الفصائل، فإن هذا الرهان يمكن أن ينقلب إلى عبء.ثانياً: هل سيخدم بقاء السوداني مصلحة العراق أولاً؟ أو بعبارة أخرى، هل يكون خياراً وطنياً أم تفعيلاً لنفوذ خارجي؟ التوازن بين "المصلحة الوطنية" و"المصلحة الدولية" يبدو حتى الآن متذبذِباً.ثالثاً: البديل، أي فوز المالكي مثلاً، ليس بالضرورة مخرجاً أو حلاً: فهناك شكوك بأن ذلك سيعني صعود قوى إقليمية أكثر وضوحاً، وهذا بدوره قد يُعيد العراق إلى خانة الصراع الوكيل.وأخيراً: على مستوى السيادة الداخلية، يبقى السؤال: هل هذا القرار العراقي أم قرار يتضمن ضغوطاً خارجية؟ إذا كان الأخير، فإن ما يجري هو تهديد لتماسك الدولة العراقية ولقدرتها على اتخاذ قرارات ذاتية بحسب الدستور والديموقراطية.في نهاية المطاف، فإن اختيار رئيس الحكومة في العراق اليوم ليس مجرد تشكيل حكومي؛ بل هو مشهد يمثل تقاطعات داخلية وإقليمية، بين الدولة والفصائل، بين النفوذ الخارجي والسيادة الوطنية. وإذا كانت التصريحات السياسية وعدم توفر نصها هنا، تتماشى أو تتماهى مع إحدى الزوايا النقدية التي طرحتها، فإن من المهم أن يُنظر إليها ليس كنداء جزئي، بل كجزء من جهد أكاديمي وسياسي لتحليل ما وراء الكواليس.ما سيُقرّر في الأيام المقبلة ليس فقط من سيقود الحكومة، بل ما إذا كانت بغداد قادرة على أن تقول: "نحن نُقرّر" أم "نُقرّر لنا". وإذا نجحت في ذلك، فسيكون ذلك انتصاراً للدولة العراقية. وإذا فشلت، فسنشهد أكثر صورة من صور التبعية تكراراً. |
| المشـاهدات 39 تاريخ الإضافـة 19/11/2025 رقم المحتوى 68432 |
أخبار مشـابهة![]() |
المخرج العالمي سعدي يونس يواصل العمل على ملحمة كلكامش الملحمة الأولى في العالم |
![]() |
من رئاسة البرلمان إلى قصر السلام: رحلة الرئيس محمد الحلبوسي نحو رئاسة الجمهورية العراقية |
![]() |
رئيس اتحاد الكرة يبارك بلوغ منتخبنا الوطني الملحق العالمي
|
![]() |
أسود الرافدين يتغلبون على الامارات بجدارة ويصلون للملحق العالمي
|
![]() |
اطلق العمل التنفيذي في مشروع محطة كهرباء اليوسفية الحرارية الاستثمارية
رئيس الوزراء: خفضنا نسبة تعرفة الكهرباء ووفرنا 43 بالمئة من العقود السابقة |
توقيـت بغداد









