السبت 2025/12/27 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
ضباب
بغداد 5.95 مئويـة
نيوز بار
أسئلة من الواقع العراقي تبحث عن إجابة
أسئلة من الواقع العراقي تبحث عن إجابة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب سمير داود حنوش
النـص :

 

 

 

تصريح رئيس الوزراء العراقي أن الحكومة المقبلة ستكون مضطرة إلى اللجوء للإقتراض في ظل عجز مالي يشهده العراق ونقص في السيولة تهدد بلد يُعتبر من أغنى البلدان النفطية التي يُصدّر ما يقارب من أربعة ملايين برميل من النفط، وموازنات إنفجارية ظلت تتحدث عنها الحكومات السابقة ربما جاء متأخراً.إعتراف رئيس الحكومة بالعجز المالي جاء بعد أسابيع من إجراء الإنتخابات البرلمانية التي جرت في الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر، ويبدو إن الإعتراف الحكومي قد تأجل لما بعد هذه الإنتخابات خوفاً من النفور الجماهيري أو عزوف الناخبين من الذهاب إلى مراكز الإقتراع.واقع مؤلم ولغز يصعب حله في ذلك النزيف من الفساد والهدر في أموال العراقيين النفطية وغيرها دون أي حلول، حتى وصل ذلك التهديد إلى قلق مزمن يجتاح عقول الموظفين والمتقاعدين بعد أن أصبحت رواتبهم الشهرية مُهدّدة بالإستقطاع أو التأخير.الأسواق العراقية تعتمد في حقيقتها على راتب الموظف في تحريك تلك الأسواق وتنشيطها وتتكئ عليه كل الفعاليات الإقتصادية، ذلك الراتب الذي يعتمد على واردات النفط وبحبوحة سعر البرميل، مما يعني أن أي إنخفاض مفاجئ في أسعار النفط يعني عجز الدولة عن تسديد تلك الرواتب، وذلك الأمر متوقع تماماً خصوصاً بعد توقعات بإنخفاض أسعار النفط إلى مادون ستين أو خمسين دولاراً في العام 2026.إقتصاد ريعي يعتمد على بيع النفط وصرف مستحقاته التي يذهب جزء منها إلى رواتب الموظفين والمتقاعدين وشبكة الحماية الإجتماعية، في وقت ظلت المعامل والمصانع التي أُقفلت بعد عام 2003 ودخول الأمريكان إلى العراق مغلقة دون أي بادرة لتنشيطها أو إعادة العمل بها، ويقال إن بعض دول الجوار لاترغب بتنشيط الصناعة والزراعة في العراق لأغراض سياسية وإقتصادية قد يكون من أهمها أن يظل العراق سوقاً رائجاً لمنتجات تلك الدول.ذلك الواقع السوداوي الذي يفرض على الإقتصاد العراقي شروطاً تقشفية صعبة في المستقبل قد تمتد إلى الحالة المعيشية للمواطن العراقي الذي يعاني أصلاً من أزمات متلاحقة في غلاء المعيشة، وإرتفاع سعر الدولار، وتذبذب الكهرباء، وصعوبة إيجاد فرص عمل للشباب، لذلك يلجأ الكثير من الشباب العراقي للبحث عن فرصة عمل في القطاع الحكومي ظناً منهم أن ذلك يوفر الطمأنينة لعائلته في الراتب الذي يقبضه من الدولة.في مدينة مثل بغداد تضم أكثر من ثمانية ملايين نسمة ويدخلها آلاف الشباب القادمين من المحافظات لايمكن إلا أن تقف عاجزاً أو حائراً في إيجاد الحلول لتشغيل هؤلاء الحشود في فرص عمل تكاد تكون غير متكافئة.يمكن تلخيص الحياة الإقتصادية في العراق بكلمة واحدة وهي إستهلاكية لاتنتج سوى الإنفاق.أخيراً جاء التحذير الحكومي بأن العراق لن يكون قادراً على الإنفاق الحكومي أو حتى تسديد رواتب الموظفين سوى الاقتراض، لكن إلى متى سيبقى ذلك الاقتراض؟ ومتى يتوقف؟.الفوضى السياسية التي رافقت هذا البلد طوال عقدين أنتجت وضعاً إقتصادياً مُرتبكاً يوشك على الإنهيار في أي لحظة معتمداً على أسعار النفط ومشاكل العالم الثالث التي تزيد من أسعاره وحلولاً من السماء قد تؤجل الإنهيار إلى حين من الوقت.غاب عن تفكير من يُسيّر العملية السياسية في العراق أن إستقرار الوضع السياسي مرهون تماماً بإستقرار الواقع الإقتصادي للبلد، وإن أي هزّة في الإقتصاد قد تُزلزل الوضع السياسي، وإن أسلحة الحروب الناعمة التي بدأت تستخدمها الدول ضد بعضها لاتتضمن أسلحة دمار شامل أو إحتلال عسكري، بل بضغوط إقتصادية تُؤزم الموقف الداخلي وتخلق حالة من التذمر والفوضى التي تؤدي إلى إختلال في الوضع العام للبلد.العراق ذلك البلد الغني بموارده مُقبل على أيام صعبة ربما ستتجلى صعوبتها بعد تشكيل الحكومة القادمة التي ستتخذ سياسة شدّ البطون قد تؤثر على الحالة المعيشية للمواطن البسيط الذي لا ذنب له سوى إنه يدفع فاتورة الفساد الذي نخر بلده ويرفع القبعات للفاسدين الذين أُتخمت جيوبهم وتلك هي المصيبة.

المشـاهدات 34   تاريخ الإضافـة 27/12/2025   رقم المحتوى 69323
أضف تقييـم