| النـص :
مرة أخرى أجرب أن أكتب عن الأمومة، هذه النعمة التي تدرك جميع النساء عظمتها وقيمتها ويدرك أيضا قلة من الرجال القيمة الفعلية لها، لكن يكفي المرأة أن الجنة تحت اقدامها.الأم، الأخت، الزوجة، الابنة، الصفات الاخرى التي تحملها الاثنى في شراكتها وقرابتها مع الرجل، جميعها في الحقيقة تصب بمعنى واحد، الا وهو التكامل، والتكامل في كل شيء، سواء في الادارة او في العمل او الحياة او كل ضرورات العيش، وفي مقدمتها التربية.وعندما نتأمل دورها، نجد أنها لا تُقاس بمهام يومية، بل تُقاس بعمق الأثر الذي تتركه في كل بيت وكل حياة، فهي التي تجمع بين العقل والقلب، بين الحزم والرحمة، بين السعي والمسامحة ولو قُدر لنا أن نحصي ما تقدمه في يومٍ واحد، لعجزت الكلمات عن وصفِ هذا العطاء، وهذا يستشعره الجنسين.فالمرأة ليست نصف المجتمع كما يُقال، بل هي روح المجتمع كله، هي التي تُنشئ الأجيال، وتُهذّب الأخلاق، وتزرع في النفوس معنى الحنان والقوة معًا، وتمنحه لمن ينضوي تحت جناحيها.لكن المؤلم، ان الكثير مما تقدمه حواء، لا يُذكر، بل وينكر، ويرمى في سلة الاساءة عند أي سهو أو خطأ أو زلة، ذلك لأن هذا المجتمع السلطوي، ذو النزعة الذكورية، يفرض قيوده، ويحكم قبضته على المراة؛ لانها المخلوق الذي وهبه الله نعمة التَحمّل، وإرادة الحياة، والمطاولة على الألم، على عكس شريكها الذي لا يمكنه تحمل نصف ما تتحمله الأنثى، وهذا الواقع الذي يتلمسه ويتحسسه الجميع.لكن، أجمل ما في المرأة أنها لا تنتظر اعترافًا، فهي تدرك في أعماقها أن رسالتها أسمى من أن يحدها عرفٌ اجتماعي أو سلطة تراتبية، وأن الله كتب في فطرتها سر القوة التي لا يدركها إلا من تأمل حقًا معنى كينونة المرأة وجوهرها.ولعل ما نحتاجة اليوم ليس مجرد مدح للمرأة، بل مواجهة حقيقية مع العقول التي تُقيّدها، نحتاج نعترف ان دعم المرأة ليس شعارًا بل منظومة عدل تبدأ من داخل البيت أولًا ولاتنتهي عند حدود المؤسسات، فهي ليست مشكلة تنتظر حلا، بل مجتمع يجب أن يتعامل مع المرأة بوعي واحترام وتشارك فعلي، وليس ادعاءات او أقاويل فضفاضة لا تخرج عن حدود التمظهر.
|