عزالدين المانع

توغلت القوات المحتلة عام 2003 بكل وسائلها التدميرية واحقادها الى داخل البلاد وراحت تنفث سمومها ووسائلها الدنيئة بين افراد الشعب وتحمل على متونها معدات الهدم والدمار لتزيل بها كل ما تبقى من التقاليد الحميدة الموروثة وفتحت منافذ الحدود على مصاريعها لتتسلل عبرها اسراب الافاعي والعقارب وتؤهج الفتن الطائفية والعرقية وتغذي كل بؤر الشذوذ والانحرافات الوافدة ، وتفتك بالارث الحضاري الذي تميز بالوقوف الى جانب الجار والارحام في افراحهم واتراحهم في وقت وصل فيه اهتمام الاجداد بجيرانهم ان يحسبوا حساب الجائعين منهم اذا اوقدوا نارا، ولا يؤذونهم برائحة الطعام الاويطعمونهم بشيء منه .!

// لقد غيرت ظروف مابعد الاحتلال معظم تلك العادات والتقاليد والسمات الموروثة ..وتازمت العلاقات بين ابناء المدينة الواحدة ، والحي السكني الواحد والجار المحاذي لجاره .. وامتدت الخراطيم السامة لتطفيء تلك المزايا التي كان يتمتع بها المواطنون عموما وسكنة الزقاق الواحد بالذات بعد ان كانوا يعيشون وكانهم افراد اسرة واحدة .. يحملون ذات الاحلام ويتسمون بذات الخلق ويتحسسون بذات الاحاسيس.! حتى اخلت وسائل الاتصال الملغومة والمعدة خصيصا لتلويث هذا الارث العريق والنبيل بتقاليده .. وتدفقت حشرات الارضة  عبر الدهاليز الخفية لتمتص رحيق تلك العهود الخالدة ، وتنخر في شرايين المجتمع الواحد .. وصار ذلك الماضي مجرد ذكريات لايدركها الا المسنون .. فقد شرع الغزاة وصنائعهم الوافدون على متونهم منذ ان دنسوا تراب الوطن بتعكير صفو ذلك الارث الرشيد , ومحوكل مارسخ بالذاكرة من ثماره .. ومابرحوا يواصلون تاجيج الاحقاد الدفينة وينثرون البؤس والافكار المنحرفة وكل ما يتنافى مع روح الاديان السماوية .. واحاطوا تلك الشواهد التي كانت بازغة على مر الازمنة والعقود بالكتل الشاهقة والمحروسة باذنابهم الصغار الذين حملوهم على متونهم واكتاف دبابابتهم لتطيح بهم كل ما تبقى من صروح التاريخ وتمحوبهم نكهة الماضي التي مابرحت عالقة بجذورها .!

// فعسى ان تنتفض الاجنة في ارحامها ، وتطيح بالحثالات الوافدة على متون الاحتلال وتعيد بعض مافقدناه على مدى اكثر من عقدين مريرين ..وتزيح عن اتداءالوطن شفاء الفاسدين ..