الأحد 2024/10/6 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 23.95 مئويـة
الذكرى غذاء العاشقين
الذكرى غذاء العاشقين
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب محمد حسن ابراهيم
النـص :

قست القلوب فلم تمل لهداية .. تبا لهاتيك القلوب القاسية .. ما ذاق طعم فراتهم .. حتى قضى عطشا فغسل بالدماء القانية .. يابن النبي المصطفى ووصيه .. واخا الزكي بن البتول الزاكية .. تبكيك عيني لا لأجل مثوبة .. لكنما عيني لأجلك باكية .. تبتل منكم كربلا بدم ولا .. تبتل مني بالدموع الجارية .. انْست رزيتكم رزايا التي .. سلفت وهونت الرزاية الآتية .. وفجائع الأيام تبقى مدة .. وتزول وهي إلى القيامة باقية .. ولقد يعز على رسول الله ان .. تسبي نساه إلى يزيد الطاغية .. ويرى حسينا وهو قرة عينه .. ورجاله لم تبق منهم باقية .. وجسومهم تحت السنابك بالعرى .. ورؤوسهم فوق الرماح العالية .. وإذ اتت بنت النبي لربها .. تشكو ولا تخفى عليه خافية .. رب انتقم ممن ابادوا عترتي .. وسبوا على عجف النياق بناتية .. والله يغضب للبتول بدون أن .. تشكو فكيف اذا اتته شاكية .. (الشاعر العالم الشيخ المرحوم محمد علي الاعسم) ها نحن قد دخلنا من على أعتاب عاشوراء .. في شهر محرم الحرام .. وقد علت مظاهر الحزن والأسى مشاهدنا .. رايات ولافتات تملأ الشوارع وواجهات الدور وفوق السطوح .. وانتابت لوعة الألم قلوبنا .. لذكرى رزية ما اعظمها .. ومصيبة ما أجلها .. لم يحدث في التأريخ أعظم منها ارتكابا وجرما وظلما وخسة ونذالة .. في التجرؤ على رمز سماوي .. قد كرمه الله تعالى وعلى لسان نبيه (ص) فكان سيد شباب اهل الجنة .. سبط الرسول الأكرم (ص) .. وامتداد رسالته وخلودها (ذلك أن الإسلام محمدي الوجود حسيني الخلود) .. عنوان الورع والحكمة والتقوى .. وقدوة للتحرر والفداء والتضحية في سبيل اعلاء كلمة الحق وتكون هي العليا وازهاق كلمة الباطل وتكون هي السفلى .. قال تعالى "بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فأذا هو زاهق" الأنبياء /18 .. والايثار على نفسه وعياله وأهل بيته .. وأهل للوفاء بالعهد لله تعالى في عالم الذر .. وقد اوعته قلوب المؤمنين .. ووعيت ثورته ونهضته .. فكانت خير الأوعية .. قال أمير المؤمنين (ع):هذه القلوب أوعية .. وخيرها اوعاها ..ان العالم كله يعيش هذه الأيام الذكرى التي نورت بصائر الشرفاء على مدى التأريخ .. وفتحت منافذ الرشاد على الافئدة .. فوحدت الجمع الخير المستنير بنور الهداية .. تحت راية العزم والاباء والعطاء والجود بالنفس والنفيس .. فإن خير الجود الجود بالنفس .. من أجل حياة حقة حرة كريمة عزيزة .. يرضاها الله تعالى لعباده .. والتي ارسل الأنبياء والرسل لأجلها كي يحيو الحياة الأفضل .. والى جانب ذلك فهي ذكرى افجعت واوجعت وصدعت واضنت كل موال لما تضمنته من أهوال ودواهي وكوارث حصلت .. فانبرى الإمام الحسين (ع) كمشروع استشهادي .. لاستكمال المهمة الرسالية للنبي المصطفى (ص) وان تطلب ذلك التضحية بحياته الكريمة .. فقدم كل ما لديه وكل مايملك من مال وولد لله تعالى .. لينقذ البشرية من ظلم قابع وغطرسة هوجاء توارثها طغاة مارقون .. تسلطوا على رقاب المستضعفين من الناس .. كي يبنوا بنيانهم ويؤسسوا اساس الظلم ورفعوا قواعد الجور .. فمكروا مكرهم .. وكادوا كيدهم .. وناصبوا جهدهم .. فكان الله تعالى لهم بالمرصاد .. فأتى بنيانهم من القواعد .. قال تعالى "قد مكر الذين من قبلهم فأتى الله بنيانهم من القواعد فخر عليهم السقف من فوقهم واتاهم العذاب من حيث لا يشعرون" النحل /26 .. فكان للباطل جولة.. فبغوا واغتصبوا حق غيرهم وجعلوا من ذلك ملك عظوظ لهم ولذراريهم من بعدهم .. فاضلوا واستكبروا استكبارا .. يا عاشوراء الأمة .. لقد كنت زمنا تكثفت فيك الأيام .. وثقلت فيك الأوقات .. وانقلبت فيك المعايير والموازين .. فصرت قناة لإيصال الفكر النير الناصح .. وامتدادا لنور ساطع لينير درب الأحرار .. ودرسا بليغا لكل طاغ فاسد فاجر .. في كل بقاع الأرض المعمورة .. (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء) .. كان هذا نضح مقولة الإمام الحسن المجتبى (ع) لأخيه الحسين (ع) حين قال له (لايوم كيومك يا ابا عبدالله) حيث قتل فيه اشرف الخلق في حينها ريحانة رسول الله (ص) وابن بنت نبي الله (ص) وحبيبه .. وموضع محبة الله ومحبته لله .. قال رسول الله (ص) :حسين مني وانا من حسين .. احب الله من أحب حسينا) .. لقد خلد الحسين (ع) وخلد ذكراه وتجدد .. (كذب الموت الحسين مخلد كلما مر الزمان ذكراه تجدد) فلم تفي كل الأقلام وكل المواقف وكل الجهود .. بأقل شيء قدمه الحسين (ع) .. وعلى وجه الحصر يوم الطف يوم عاشوراء .. حيث وقف عليه السلام وقفته الشريفة في اليوم العاشر من محرم الحرام سنة 61 هجرية .. فخط بدمه الطاهر أسمى وازكى وابلغ المعاني للضمير والوجدان الحي .. فكانت اروع القصص والأحداث والصور في التفاني من اجل طلب الإصلاح في أمة جده رسول الله (ص) .. فعالوا عليه واعتدوا واساءوا اليه وآذوه .. هو وعياله واصحابه .. منتهكين بذلك حرمة الدين وحرمته (ع) .. ولم يبالوا .. ولا استكانوا .. لا بل زادوا الطين بله فحرموه وعياله واصحابه من الماء فلبى نداء الشهادة وهو عطشانا .. (ايقتل ظمآنا حسين بكربلا وفي كل عضو من انامله بحر .. ووالده الساقي على الحوض في غد وفاطمة ماء الفرات لها مهر .. فكان مثالا رائعا للصبر والجلد ورباطة الجأش على البلاء منزها عن الخضوع والخنوع .. وما كان إلا أن احتوشوه الأعداء المردة القتلة من كل جانب بالسيوف الرماح .. فارتفع مقامه بالشهادة .. وعلت مرتبته في الجنة .. وهوالقائل (إن الدعي بن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة والذلة وهيهاة منا الذلة) .. ولسان حاله يقول (إن كان دين محمد لم يستقم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني) .. وانتصر الدم على السيف .. وهكذا كان نصيب اعدائه الخزي والعار والذلة والمهانة في الدنيا والآخرة  .. لقد كانت معركة كبرى .. وواقعة عظمى لا مثيل لها على مر التأريخ .. وملحمة هزت عروش الطغاة الظلمة .. واوقدت مشاعر كل ذي ضمير حي .. ملحمة دارت رحاها على ارض كربلاء .. نال الشهادة فيها الإمام الحسين (ع) هو وابناءه واخوته وأبناء عمومته واصحابه المخلصين .. كانت منازلة لم يشهد لها التأريخ من مثيل .. حيث قتل فيها رجل ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره .. إنها مأساة روعت قلوب الغيارى العاشقين لأهل البيت الخلص الخيرين .. حيث انتهكت حرمات لاشرف بيوت خلق الله واطهرها .. فكان لها أصداء واسعة وانعكاسات اقرحت جفون كل عنصر محب آمن بالنبي وبرسالته واخلص في تطبيقها .. (إن لقتل الحسين (ع) حرارة في قلوب المؤمنين لن تبرد ابدا) .. فاذا كان هذا اثرها على الناس .. فكيف بها على قلب رسول الله (ص) .. اي كبد لرسول الله افروا .. واي مصيبة له اوقعوا .. وها هي الحشود المليونيةاليوم من محبي الإمام الحسين (ع) والمتعاطفين مع قضيته .. وفاءً للعهد وتجديدا للبيعة .. يحيون هذه الذكرى الاليمة بعد أن كانت هي من احيتهم .. ويمجدونها ويقيمون المآتم ما دام فيهم عرق نابض .. نصرة للحسبن (ع) ولدين الحق والرسالة النبوية الشريفة .. فكانت بمثابة الغذاء الروحي لهم .. وصحوة لوجدان الأمة .. يستمدون منها العزم والقوة والنصر والسير على خطا سيد الشهداء وابو الاحرار .. ثار الله وبن ثاره الإمام الحسين (ع) وطريق الحق غير مستوحشينه وان قل سالكوه ..

 

 

المشـاهدات 110   تاريخ الإضافـة 10/07/2024   رقم المحتوى 49249
أضف تقييـم