روائيات مسترجلات (1) |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : ناصر أبو عون
ربما يتساءل البعض، لماذا وقع اختيارنا على هذا الموضوع لبحثه وإثارة الأسئلة حول الرواية المكتوبة بقلم نسائي في الشرق الأوسط؟ ولا نستطيع أن ننكر في هذا السياق الثقافي نظرية المؤامرة التي تُحيكها بعض دوائر الاستشراق الغربية وتكيد للعروبة والإسلام من منظور عدائي وعنصري وشوفيني ولإعطاء فاعلية أكثر لهذا الخطاب السياسيّ السلبيّ حول الإسلام، تم تجنيد العديد من النساء للعب دور الثائر على التقاليد في مجال حقوق المرأة من بينهن الفرنسية ذات الأصل الإيراني (شهدورت جافان)، والهولندية ذات الأصل الصومالي (أيان هرسي علي) النائبة في البرلمان الهولندي ومساعدة السينمائي تيو فان غوغ الذي اغتاله متطرف إسلامي في أمستردام، وهي تعلن صراحة أن نضالها يتمحور حول تحرير المرأة من الإسلام على الطريقة الغربية . وللأسف انساقت روائيات شابات في الشرق الأوسط وراء هذا السراب تحت راية (تحرير المرأة) وهن يجهلن أن حركة التحرر النِّسْوي في السياق الغربي لم تطرح على نفسها يوما فكرة التخلص من الدين، لأنها كانت واعية بأن المشكل يكمن في التوظيف الاجتماعي للمسيحيّة وليس في الدين في حد ذاته.
تتساءل الناقدة السعودية شمس المؤيد: "هل المرأة التي نعرفها تشبه المرأة في الرواية؟ إن المرأة في الرواية العربية بوجه عام، تأتِي في شكل ثانوي، رفيقة حياة، حبيبة، صورة للغدر والخداع، وغالباً ما يكون جسدها هو محور الرواية)، وترى شمس المؤيد أن (الكاتبة وحدها قادرة على زعزعة هذه الصورة". وأكدت شمس المؤيد أن إخفاق الروائية في رسم الصورة الحقيقية للمرأة في مجتمعنا بقضاياها يعود إلى صغر سن الكاتبات وضآلة تجاربهن، ولكن ماهو أدهى من ذلك هو جهل المرأة الكاتبة بشكل عام بأهمية دورها، وبقيمة الخطاب الروائيّ نفسه، حيث هو بالنسبة لهن فعل تنفيس، لافعل وجود، وإثبات قيمة، وتحريك جامد. ورأت الناقدة شمس المؤيد بأن المرأة تحضر في الروايات النسْوية على عدة مستويات: المرأة العادية ظهرت بشكل باهت أو مشوه. أما المرأة المثقفة فقليلا ما تحضر وإن حضرت فبشكل مأزوم ومتوتر؛ امرأة مختلة التوازن في مجتمع قاسِ تحاول إثبات ذاتها بإعلان الثورة والتمرد على السلطة الذكورية، وتصارع لنيل حقوقها. إذن فإن بداية الكتابة النسْوية هي بداية استحياء المرأة لجسدها والإفراج عن أحاسيسه المخبوءة، واكتشاف لغته المغايرة للغة الاسقاطات والاستيهامات التي كفّن بها الرجل حيوية المرأة وتلقائيتها وفقا لتعبير محمد برادة وإنه من الخطأ اختزال المرأة إلى جسد فقط، والانصيار إلى تسويق أيديولوجيا خاصة بتوصيف الجسد من خلال عزله عن الشبكة المتداخلة من الخلفيات التاريخية والتطلعات والمنظورات والقيم النفسية والشعورية والعقلية المتصلة بالمرأة وعالمها. تقول القاصة السعودية هديل الخصيف (لن أكتب نصاً طويلاً، أمطط الأحداث فيه، وأخترع ما لا يمكن أن يكون منطقياً، أو متناسقاً. كما أن روايتي لن تشتهر؛ إن لم أتناول التابوهات بطريقة مستفزة، تفتح شهية الناشرين العرب، الذين تتضخم أرصدتهم على حسابنا ككتّاب وكاتبات، دون أن نحصل على أجر جهدنا، ولا حتى فتات الأجر.. وهذا (الرخص) لا أرغب بارتكابه، وهذا (الاستغلال) لا أريد أن أقع تحته! الرواية اليوم تجلب الخزي في أكثر حالاتها، لذا يقنعني حتى الآن أن أنشر نصوصي القصيرة في موقعي الإلكتروني، على أن يُدرج اسمي في قائمة الروائيين! ولأن الموضة الروائية انفجرت مرة واحدة، خرجت بلا مقدمات، وبلا تهيؤ مسبق، كـ(القيء) تماماً.. فضلاً عن أن معظم الروايات ظهرت وكأن كتّابها يحاولون التخلص مما يضايقهم، دون أن يجرؤوا على فعل ذلك بطريقة عملية، وآخرون تكاثرت لديهم الأفكار فقرروا أن يدمجوها في نص واحد (طويل) فكان القيء أسرع الطرق.. وأسهلها!
|
المشـاهدات 293 تاريخ الإضافـة 31/08/2024 رقم المحتوى 52454 |