قصة قصيرة جدا. عام ٣٠٠٠ ميلادية |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : حسن عبد الرزاق
اعلن الاستاذ روبوت من داخل بيته عن حاجته الى خادم مهمته تنظيف جسده المعدني وتلميعه يوميا مقابل معاش يتمثل بثلاث وجبات غذاء انساني فقط. حصل هذا بعد يوم واحد من ولادته من امه الروبوته ايلونا ودخوله الى دنيا الوحدة والاعتماد على النفس والعيش في دار خاصة به يدير من خلال شاشتها العملاقة مؤسسته ذات الفروع العالمية. والمؤسسة لمن يريد ان يعرف شيئا عنها الان، خاصة بانتاج الخرفان والابقار الربوتية التي تغذي نصف سكان العالم بلحمها المعدني الشهي. لكن لماذا لايتزوج الاستاذ روبوت ويتخلص من الخدم ومشاكلهم وتأففاتهم وشتائمهم السرية للسادة الجدد، الانيقين الاذكياء اصحاب البصر الخارق الذي يرون من خلاله الثقوب السوداء البعيدة بمسافة ثلاثة عشر مليار سنة واكثر، بنفس الوضوح الذي يرون به اوجههم عندما يتقابلون في صالات المؤتمرات؟ الجواب لان الذي صنعهم اراد انهاء هذا التراكم البشري الهائل الذي ملأ الارض.. التراكم المتاتي من الليل وهيجانات افرشته، وماتشعله من نيران في المناطق الواقعة تحت بطون الرجال والنساء، لذلك تقصد ان يحرم الروبوتات من نعمة هرمونات الذكورة والانوثة ويهبهم مقابل ذلك البقاء الطويل. بعد خمسة ثوان فقط من زمن الالفية الثالثة المماثل لزمن البرق وزمن هدهد سليمان، تزاحمت على باب داره عشرات الالوف من كائنات كانت تسمى بشرا في عام ٢٠٠٠، وكانت كلها بثياب مضغها العوز، ووجوه شحبها فقر الدم الى درجة جعل فيها اجسادهم خاوية ذبلانة منهارة، حتى انهم كانوا يشتهون العراك من اجل نجاح احدهم في الدخول اولا، ولكن هزالتهم كانت تمنعهم. الاستاذ روبوت الذي اطل من شرفته منزعجا من ضجيجهم ومن منظر اشكالهم، امطرعليهم من علو شتائم قاذعة وصلت الى اجداد اجدادهم الذين هم من صنع اجداده باياديهم، وبصوت مستنكف متثاقل اختار واحدا منهم فقط ثم زعق بالاخرين : - تفرقوا والا انهيكم بجملة واحدة من فمي. فذعر هؤلاء المساكين الذين اسمهم (بشر)، ومضوا هائمين في الشوارع، قلوبهم المهظومة من الاهانة تذرف حزنا غزيرا، وعيونهم ملتصقة بالهواتف، تمشي على المواقع الالكترونية، لعلها تعثر على اعلان اخر من روبوت اخر، يحتاج الى خادم، لايحتاج الا الى ثلاث وجبات طعام. |
المشـاهدات 52 تاريخ الإضافـة 07/09/2024 رقم المحتوى 52912 |