الإثنين 2024/12/30 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 15.95 مئويـة
نيوز بار
في الهواء الطلق المرونة والتكتيك في القرارات الحكومية
في الهواء الطلق المرونة والتكتيك في القرارات الحكومية
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي عزيز السيد جاسم
النـص :

تعتمد تنمية القدرات والامكانات البشرية في واحدة من اساسياتها على توفر عامل الوقت الكافي لتلقي التدريبات المعنية بالتنمية وممارستها عملياً والافادة من نتائجها واقعياً.

كما تعتمد التنمية على عامل اساسي آخر هو احترام البشرية المراد تنميتها والتعامل معها بطريقة اعتبارية تعكس حقيقة هذا الاهتمام بدءاً من العائدات المالية ومحل العمل ووآثاثه وتقليص ظاهرة التعامل الفوقي المتسلط من الموظف الاعلى الى الموظف الادنى نزولاً من اعلى الهرم الوظيفي.

وتعتمد التنمية البشرية ايضاً على توفر عامل المنافسة الشريفة ومنح المكافآت التشجيعية وتمييز الابرز والاكفأ وانزال الناس منازلها التي تستحق.

ويعد احترام خصوصية الفرد من الامور الهامة في تفعيل قدراته ومن ضمن ذلك الاحاطة بالظروف العامة والخاصة والمؤثرات والمستجدات التي تطرأ عليها ، وعلى سبيل المثال كان على الحكومة ان تدرس بشكل دقيق موضوع زيادة ساعات الدوام الرسمي وانعكاساتها على مستوى الاداء واستطلاع بسيط سيكشف ان اغلب الدوائر لا تعمل في الساعة التي تمت اضافتها على ساعات العمل لان ساعات العمل السابقة هي كافية بل واكثر من كافية بأضعاف الوقت الذي تحتاجه اغلب دوائر الدولة لانجاز اعمالها.

وعودة سريعة لدراسة اعلنتها جامعة النهرين قبل سنوات ليست ببعيدة توصلت فيها الى معدلات ساعات العمل الفعلي في دوائر الدولة عموماً وكانت النتيجة تتراوح بين 15 الى 20 دقيقة عمل فعلية باليوم الواحد فقط؟!

وبصرف النظر عن مدى دقة هذه الارقام الا ان المتابع يمكنه ان يشعر وجود جهات او اقسام وظيفية مكتضة بالعمل ولا تكاد تجد متنفس لاخذ قسط من الراحة واعادة استجماع القوة من كثرة العمل المناط بهم ـ هنا اقصد الموظفين في الدوائر الحكومية ـ في حين نجد اقسام اخرى ليس لديها عمل لذلك تكون شحيحة الانتاج ، وهذه الشحة ليس سببها الموظفين بل سببها سوء التدبير وسوء الادارة التي لم توزع المهام بشكل صحيح ولم تراعي التوازن في حاجاتها الفعلية لتطوير عملها الذي يفترض ان يكون عمل مؤسساتي.

ومع احترامي للقرار الحكومي في زيادة ساعات الدوام الرسمي (ساعة واحدة) فانه اتخذ على مقاسات محدودة تحتاج لهذا الوقت او اكثر من هذا الوقت لاكمال اعمالها اليومية وهي دوائر محددة ، وليس جميع العاملين في تلك الدوائر بحاجة الى المزيد من الوقت وانما يقتصر ذلك على اصحاب الدرجات الوظيفية العليا ومكاتبهم والمخولين بتوقيع البريد والمعاملات الرسمية ، وبالمقابل توجد دوائر ليست بحاجة سوى لساعتين او ثلاث لانجاز اعمالها الشحيحة كما ذكرنا.

خصوصية الموظفات يجب ان تؤخذ بنظر الاعتبار ، فالموظفة المتزوجة والتي لديها اطفال والتزامات في منزلها ورتبت وضعها على ساعات دوام معينة يتناغم مع عودة ابنائها من المدرسة وعودة زوجها من العمل ... الخ عندما طبق قرار نهاية الدوام يكون في الساعة الثالثة تسبب للموظفات بشكل خاص بمشاكل واعباء كبيرة فبعد انتهاء الدوام يدخل الموظف ـ الموظفة بدوامة الازدحامات و المشكلة العويصة مع اصحاب خطوط النقل بمعدل مدة زمنية لا تقل عن ساعة ليبلغ الموظف مبتغاه وصولاً الى منزله في الساعة الرابعة عصراً. اذن الموظف يصحو من الساعة السادسة ليحضر نفسه ويذهب الى الدوام ليصل قبل الثامنة ، وبعد عودته يحتاج الى ساعة للراحة والغداء ...الخ انتهى اليوم؟!

السؤال : هل جميع الموظفين رواتبهم كافية لتوفير العيش الكريم لهم ولاسرهم؟

الجواب : قطعاً لا.

وذلك يعيدنا الى ما اسلفنا وما يفرضه الواقع من ضرورة لاعادة النظر بالمعايير التي اتخذ على اساسها قرار زيادة ساعات الدوام ،ناهيك عما خلفه من تمديد ساعات الازدحامات وتزامن ذلك مع حملة البناء وخصوصاً في بغداد حيث تحتاج مثل هذه الحملات (بناء وتأهيل الطرق والجسور) الى دراسة للتخفيف من ضغط حركة السير وليس تزخيمها.

اذا كان هدف الحكومة هو انجاز الاعمال وملاحقة الزمن الذي هدر سابقاً دون انتاج فذلك توجه جيد وجميع الشرفاء يدعموه لكن بعض الخطط والمناهج وحتى القرارات تحتاج الى المرونة والتكتيك وقابليتها للتعديل ، التعديل الذي يركز على تنمية وتطوير القدرات البشرية وتحسين انتاجها كماً ونوعاً بذلك يتحقق ركن اساسي من اركان مأسسة دوائر الدولة ووضعها على سكة التقدم.    

المشـاهدات 278   تاريخ الإضافـة 15/10/2024   رقم المحتوى 54645
أضف تقييـم