النـص :
تقوم فلسفة الوظيفة على مسؤولية الموظف على الأعمال الموكلة إليه بموجب وظيفته، إذ إن كل شخص مسؤول عن عمله من حيث المهام الموكلة إليه، ومن حيث عدم تضييع وقت العمل؛ لأن وقت الموظفين في المؤسسة أو الدائرة هو حق للجهة التي يعمل فيها الموظف؛ وذلك من الوفاء بالعقد المبرم بين الموظف والجهة التي يعمل بها الموظف ضمن عقد العمل، فالموظف العام أمينٌ على وظيفته يبذل قصارى جهده لأداء مهامه فيها على أتم وجه دونما حاجة إلى رقابة رقيب أو مسؤول. لذلك تفرض الوظيفة العامة مجموعة من الواجبات التي ينبغي على الموظف الالتزام بها ومراعاتها داخل نطاق العمل الوظيفي وخارجه، مقابل ما يتمتع به من حقوق ومزايا مادية ومعنوية. ومن أهم هذه الواجبات أداء عمله بصورة صحيحة وعلى أتم وجه، لذا لا يجوز للموظف التقصير في عمله وعدم أداء مهامه الوظيفية كما هو مطلوب منه، هذا هو الأصل العام الذي ينبغي أن يلتزم به كل موظف وهذا الأصل العام له سنده الشرعي والقانوني، فالشريعة الإسلامية وكذا القوانين الوضعية أكدت على هذا الأصل فكل موظف يخل بعمله أو يقصر فيه يسأل شرعاً وقانوناً عن ذلك، لكن للأسف الشديد تشير الدراسات والاحصائيات في العراق أن انتاجية الموظف العراقي لا تتجاوز الساعة يومياً في أحسن حالاتها، في حين أشارت دراسة أجرتها كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين في بداية عام 2022 أن انتاجية الموظف العراقي لا تتجاوز 17 دقيقة عمل في اليوم تتوزع بين وصوله إلى عمله من الثامنة والنصف إلى التاسعة صباحاً تتخللها وجبة افطار لحد الساعة العاشرة والنصف، إضافة الى الاجازات الزمنية التي يأخذها الموظفون بكثرة لأداء أعمال خارج الدائرة، أو تجوالهم بين غرف الدائرة تاركاً مكتبه وما إلى ذلك، وهذه الاحصائيات قريبة من الواقع لكن لا يصح تعميمها على جميع المؤسسات والدوائر ولا على جميع الموظفين فهناك موظفون يعملون بجد ونشاط لكن نسبتهم قليلة، إن من أهم أسباب تدني انتاجية الموظف العراقي تكمن في الترهل الوظيفي، فكثرة عدد الموظفين في العراق التي تجاوزت أربعة ملايين موظف أنعكس ذلك على انتاجية الموظف، فكثرة أعدادهم في الدائرة الواحدة أو القسم الواحد أو الشعبة الواحدة تؤدي إلى الاتكالية واعتماد الموظف على زملائه في تأدية الأعمال الوظيفية لا سيما إذا كانوا يشتركون في أداء المهام نفسها، كذلك قلة الرواتب والمخصصات خصوصاً بالنسبة للدرجات الدنيا، فحينما يشعر الموظف بالغبن والظلم لعدم كفاية مرتبه في تحقيق مستوى معيشي لائق وتوفير حياة كريمة له ولأسرته يفقده هذا الشعور الحافز على أداء عمله وإنجاز المهام الموكلة إليه على أتم وجه، كذلك من أسباب تدني انتاجية الموظف العراقي عدم شعور الموظف الكفوء والمتفاني في عمله أن هناك من يقدر جهده وتعبه من خلال المكافآت المالية وغير المالية، بل قد يرى الموظف في كثير من الأحيان أن الموظف الخامل المهمل هو الذي يكافئ ويرقى في المناصب؛ لأنه محسوب على الحزب الفلاني أو مدعوم من الجهة السياسية الفلانية أو المسؤول العلاني، كل هذه أسباب قد تؤدي إلى تدني انتاجية الموظف العراقي هذا التدني المخجل، لذا فالحل يكمن من خلال تحسين رواتب الموظفين وتقليل الفوارق فيما بينهم، وتقسيم العمل بين الموظفين المكلفين بأداء المهام نفسها، ومراقبة الإدارات الوسطى والعليا للموظفين من خلال القيام بجولات تفتيشية على الدوائر والأقسام والشعب، وتلقي شكاوى المواطنين عن الخدمة المقدمة لهم وكيفية تعامل الموظفين معهم، كذلك يكمن الحل في تشجيع التنافس بين الموظفين من خلال مكافئة الموظف المجد والكفوء من خلال المكافئات المالية وغير المالية، فمنح الموظف الكفوء والمجد المكافئات والحوافز، وترقيته في المناصب، ومنحه كتب الشكر والتقدير كل ذلك تؤدي إلى تشجيع الموظف على التفاني في عمله وخلق روح التنافس بين الموظفين، وبالمقابل لا بد من محاسبة الموظف المقصر في عمله، حتى يشعر بتقصيره ويتردع غيره من الموظفين، هذه هي أهم أسباب تدني انتاجية الموظف العراقي والحلول المقترحة لعلاج هذه المشكلة.
|