النـص : اقترح عليّ الأستاذ العزيز ناصر أبو عون أن أحوّل تعليقًا لي على منشور له , إلى مقالٍ يحتمل توسّعًا في وجهة نظري حول المرأة ودورها في المجتمع , ومفهوم الحريّة بين ثقافتين هي ثقافتنا نحن العرب المسلمين , وثقافة الغرب المختلفة تمامًا عن ثقافتنا وأورد هنا نصّ تعليقي الذي بنيتُ عليه مقالي هذا لأواصل بعده الحديث عن الفكرة التي أروم الإشارة إليها بالتفصيل الممكن , إذ لا يمكن الإحاطة السريعة في مقال صحفي بموضوع يحتمل دراسات وأفكارًا ووجهات نظر قد تختلف من شخص إلى شخص آخر , تعليقي هو : " المرأة الغربية مختلفة تمامًا فهي تعيش وسط غابة من الذئاب البشريّة بحجة أنها قوية ومتحررة فكريًا وجنسيًا وقادرة على مواجهة الصعاب .. . فهي تُعامل معاملة الآلة العاملة إذ يجب عليها أن تساوي نفسها بالرجل وأن تخوض غمار الحياة مثله وإلا لن يُحسب لها وجود في المجتمع ، ناهيك عن التحُـرّش والاستغلال الذي تتعرض له في عملها والذي يجب أن تسكت عنه وإلا فُصلت من العمل!.هذا وهمٌ وصفوه بحرية المرأة والتحرّر وما هو في واقع الأمر إلا سجـنًا لها ، وكما نرى واقعًا أن المرأة في كثير من دول النـزاع والحـروب تتعرض للقتـل والسجـن والتشريد على يد من يدّعي حريتها.. . وكل ما يشغل الغرب هو حال المرأة المسلمة المصونة التي كرّمها الإسـلام بقوامة الرجل عليها فيرعاها أبوها وأخوها وزوجها ، ويمنعها أن تكشف سوأتها كما كانت المرأة في الجاهـلية...أما نجاح الغرب في التأثير الفكري على بعض العرب بوهم هذه الحرية العرجاء فقد وصفهم الله وصفاً دقيقاً : وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً .. تقديري واعتزازي د. ناصر أبو عون " ....ما ذهبتُ إليه في فحوى تعليقي , هو قبل كلّ شيء وجهة نظر شخصيّة بنيتها على أساس قناعاتي التي أسستها على كوني أرى الأمور عن كثب في المجتمع الغربي , وأعرف تمامًا كيف تعيش المرأة هناك , نعم هي تخرج بحريّتها وتعمل ما تراه مناسبًا لتعيش هي وعائلتها , أحيانًا تلجأ لأشغال لا تلاءم أنوثتها , وأحيانًا تُعامل بجفاء تحت لافتة مساواتها مع الرجل , وهناك عوامل أخرى تتطلب فيضًا من الدراسات الاجتماعيّة والبحوث المتخصصة , لذلك أكتفي هنا بهذه الإشارات التي أظنّها دالّة على قراءتي لمكانة المرأة في المجتمع الغربي , وتسويقها لمجتمعنا ووسائل الإعلام على أنها مثاليّة وأن القوانين الغربية ضمنت لها حياة حرّة كريمة , ولم تضع كلمة مهمة مكمّلة لهذه العبارة الخلاّبة وهي " حياة حرة كريمة مشروطة " ولنا في هذه الإضافة أن نحلل واقع هذه الحريّة ...أما المرأة العربيّة المسلمة , وعلى الرغم من فرض بعض البدع المفتراة على الدين الإسلامي والقرآن الكريم , فإنها تعيش أكثر احترامًا , وأعلى قدر إنسانيّ , وقد أشرتُ إلى البدع لأنها لم تستند في تطبيقها الاجتماعي على روح الدين الإسلامي الحنيف , بل استندت إلى أحاديث ملفّقة وأفكار دخيلة على حقيقة موقف الإسلام الدقيق من المرأة ومكانتها في المجتمع , وجاء ذلك في أدقّ التفاصيل الحياتيّة , وأيضًا لا يمكن لي هنا أن أجمل هذا الموضوع بهذه الكلمات القليلة بل يحتاج هذا الأمر إلى مجلّدات تحمل أدلّة وحقائق تؤكّد ما ذهبتُ إليه .إن المقارنة بين المرأة في ثقافتين تتطلب دقة في الاستبيانات العلميّة , والاحصاءات الدقيقة , وليس الاعتماد على رؤى تبنى على تقارير إعلاميّة تبثّ شائعات تجمّل الحياة في المجتمع الغربي , وتبدي المجتمع العر بي وكأنه يعيش في ظلام الجهل والأفكار البالية , وهذا أمر غير دقيق وتدحضه الوقائع التي لم تعد مخفيّة في المجتمع الغربي ...أكرر شكري للدكتور ناصر أبو عون لإثارته مثل هذه الموضوعات التي تخلق الجدل والتساؤلات وقراءة الأحداث بوعي وعمق ومسؤوليّة .
|