الخميس 2024/11/21 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 24.95 مئويـة
زاهر الغافري رحيل الحضور وليل المدينة الحزين
زاهر الغافري رحيل الحضور وليل المدينة الحزين
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الانصاري
النـص :

 

 

كان يحب العراق كما لو انه ولد في ارضه وعاش فيه  ، يعرفه من آخر نخلة في بصرة الجنوب. حتى آخر منطقة في شمال دهوك له من الاصدقاء  ما لا يعد او يحصى. تعرف على رموز  الادباء والفنانين والشعراء  من  السياب والبياتي  ومحمود البريكان وسركون بولص  إلى سعدي يوسف والصائغ  وسامي مهدي وحميد سعيد وشوقي عبد الأمير  وكاظم الحجاج وصولا لأجيال عاصرها  حتى آخر لحظات حياته التي عاشها في ترحال دائم ، كان المسافر لمدن عرفها وعرفته ما بين وطنه الأصل عمان حيث ألفته مسقط  وقرى البلاد وبحرها الممتد بطيبته وقصائده وجمال روحه وسمو  ذاته ، تعرفت عليه من خلال الفنانة الراقية والصديقة  اثمار خضر  التي كانت زميلتي في مجلة فنون ايام كانت طالبة وممثلة  فهي واحدة من نجوم العراق حيث اقترن بها حين استقرا في مملكة السويد بعد طول ترحال امتد من المغرب التي درس فيها الفلسفة إلى  العراق ثم باريس واميركا  وصولا إلى السويد ، كان الغافري  قد اعتاد على القراءة ومعرفة الجديد في عالم الثقافة العربية من جذور قديمها حتى أحدث معطياتها لاسيما في مجال الشعر الذي كان يعشق ويكتب  فيه ما يجسد أفكاره وخيالاته وهواجسه وأسلوب شعريته الحداثية المغايرة والمتمردة على الزمان والمكان. فهو كائن لا ينتمي إلا لذاته  المنفتحة على الكون الإنساني ، وعبر الذات والعالم صاغ  عالمه الخاص وبنى معمار

شعريته ومضامينه

له  عديد المجاميع التي ترجمت لعدة لغات فهي تشكل رؤيته وخلاصة نظرته للشعر والحياة اذ يقول أن الشعر بالنسبة له “خلاصة لمفهوم الكينونة ضد القبح والرعب تجاه حياة الإنسان في هذه الدنيا القصيرة”، مختصراً في هذه الشهادة مغامرته نحو الشعر التي قادته إلى الترحال والمعرفة والاكتشاف بدءا من قرى عُمان إلى بغداد على حد تعبيره.

كان الراحل الشاعر زاهر الغافري  يدرك ان لا مكان في هذا العالم يكفي افاق خياله ويتسع لحدود أحلامه لكنه وجد في قصيدة النثر فضاءا  يمرح فيه ويدون ويحلق بكلماته التي يرسم فيها ما يحلو لشاعر حر  خبرته تجارب الحياة ودراسات الفلسفة  وموروث الثقافة ومدن الترحال واكتشافات  الجديد عبر العولمة والرقمية وبرمجيات الاتصال وعلاقاته المتشابكة . ذات ليلة اتصل بي لنلتقي. كعادتنا بين فترة وأخرى  لكنني حينها كنت مسافرا إلى ستوكهولم  وحين عدت كانت حالته الصحية قد تدهورت. حتى زرته في المشفى وكان في غيبوبة  أبعدته عن الوعي لايام حتى فارقنا إلى الابد ليكمل  رحيله الأبدي. تاركا لنا حضوره ألانساني و كرم روحه الباذخ بعطاء إبداعي لا تمحوه الازمنة ولا تحولات المكان .

المشـاهدات 64   تاريخ الإضافـة 16/11/2024   رقم المحتوى 55792
أضف تقييـم