تقاسيم على الهامش (( لنركب زوارق السباق في شطّ العرب ...!!)) |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب عبد السادة البصري |
النـص : على صفحة الماءِ يتهادى الحلم زورقاً من محبّةٍ وذكريات ، ذات مساءٍ وأنا أقف على ضفة شطّ العرب ، هناك في أقصى جنوب الجنوب ، حيث مراتع الطفولة والصبا كنت في زيارة لبيت أخي الذي شيّده على أنقاض بيتنا القديم الذي هدّمته الحرب اللامعنى لها سوى الموت والخراب، جال بخاطري أن اتمشّى على ضفة الشطّ في الاماكن التي كنت أذاكر دروسي فيها حينما كنت طالباً في تلك السنوات، وما ان تمشّيت قليلاً حتى عادت بي الذكريات حيث اللهو والسباحة ومطاردة الموج عندما كنّا فتياناً نسرق من الزمن حفنة دقائق لنجعلها في قاموس ذاكرتنا حكاية !! كنّا حينها نسابق الموج - كأننا من محترفي ركوب الموج - سباحة ونجمع ما يتساقط من البواخر التي تمخر الشطّ جيئة وذهاباً من والى موانئنا في الفاو وأبي الفلوس والمعقل محمّلة بالبضائع والنفط وما الى ذلك، نجمع ما يتساقط أو يرميه البحّارة من أخشاب وفواكه وغيرها !! أيام نلهو بها وأخرى ندرس بها وثالثة نشاهد مسابقات الزوارق التي تنطلق من ميناء الفاو بنوعيها ( التجذيف ، الشراعية )، كان لها وقع خاص في نفوسنا ، ونحن نشاهد المتسابقين من كلا الجنسين يمخرون الشط مجذّفين ، فتعلو هتافاتنا وصيحاتنا تشجيعاً لا على التعيين ، فقط لنشارك في هذه اللعبة الجميلة التي تنقلنا من عالم الطفولة والترقّب والخوف من محاسبة الأهل لأننا دخلنا مياه الشط رغم تحذيرهم خوفاً علينا من الغرق أو سمك القرش ( الكوسج ) في بعض الاحيان، الى عوالم من الفرح والغبطة لنندفع في الماء علّنا نصل قريباً من هؤلاء الذين نحسبهم من عالم غير عالمنا نحن أبناء القرية البسطاء المسكونين بالمحبّة والطيبة دائماً!! كانت الزوارق تأتي مسرعةً بعضها يحمل شخصاً واحداً يمسك مجذافين في كلتا يديه، واخرى أثنين متقابلين في يدي كل منهما مجذافين أيضاً يجذّفان باتجاه واحد ، زوارق السباق ذات الشخص الواحد صغيرة وتحتوي على فتحة دائرية تضم في جانبيها مجذافين يجلس المتسابق داخلها ويمدّ برجليه الى داخل الزورق المغطّى ليبدأ بالتجذيف نحو الخلف فيسير الزورق عكس ما هو جالس ،وذات الشخصين بفتحتين متشابهتين أيضاً، هذه الزوارق ذات ألوان زاهية ( زرقاء ،صفراء،حمراء،خضراء،) تبعث الفرح في النفوس، وعند انسيابها على صفحة الماء تراها منزلقة بسرعة وكأنها طائرة فوق سطح الماء ترسم خطوطاً متموّجة من المويجات!! كانت المسابقات هذه تنطلق من مرسى ميناء الفاو صوب رأس البيشة وبالعكس لتبصر أفواجاً من ساكني تلك المناطق من الفلّاحين والصيّادين وعمّال الميناء( رحالاً ونساءً وشباباً وفتية وأطفال ) واقفين على الضفة ليشجّعوا هؤلاء المتسابقين !! مواعيد السباقات في أيام الصيف دائما ، واذا كانت ثمّة مناسبة تنطلق الزوارق بكلّ أشكالها وألوانها وأحجامهارافعة الزينة حاملةً المحتفلين وهم يعزفون ويرقصون ويغنّون فرحاً !! ما أبهاها من أيام سكنت ذاكرتنا،وها أنذا أعود اليها كلّما زرت بيت أخي في أقصى جنوب القلب !! اليوم وميناء الفاو الكبير يفتح ذراعيه للآفاق كي تعود البواخر تمخر الشطّ ، ما الضير اذا عادت تلك المسابقات الجميلة ،وصرنا نقف على الشواطئ لنشجّع المتسابقين وهم يجذّفون بمحبّة كبيرة للناس والوطن أجمل معزوفات الماء ، وتظلّ زوارق أحلامنا تتهادى على صفحة الماء راسمةً أبهى اللوحات ؟! . |
المشـاهدات 198 تاريخ الإضافـة 08/12/2024 رقم المحتوى 56768 |