النـص : جامعة صلاح الدين/ اربيل
لأن تموضع القوى سيكون مفهوماً فإن أي طرف لن يشعر بالحاجة إلى استنفار كل ما لديه من قوة احتياطية.أما حين يتم نسف التوازن فإن الضوابط تختفي وتغدو الساحة مفتوحة أمام أكثر الادعاءات شططاً واشد الأطراف الفاعلة عناداً زحقداً ثم تحل الفوضى إلى أن يتم استحداث ترتيبات نظام جديد
"هنري كيسنجر"
كيف نرى مستقبل الاقليم وحكومته وشعبه بين الأزمة مع المركز والصراعات مع المحيط التي تصيب الاقليم بشظاياها وتشظيها؟ تتموضع قوى الاقليم المستقلة شبه استقلال التي تجسدها حكومته وبرلمانه وحزبه الرئيسي ( الحزب الديمقراطي الكردستاني) وبقية قواه الحزبية والمجتمعية والمدنية حول موضع سؤال الهوية والمآل باعتبار ان الهوية هي تجسيد ممايزته عن المركز والمآل هو مستقبل علاقته مع المركز والاقليم المحيط خاصة الجمهورية الاسلامية الايرانية والجمهورية التركية وما ستغدو عليه الجمهورية السورية بعد سقوط الاسد حيث كردها يبحثون عن الهوية والمآل كذلك ولكن ازمة الاقليم في كوردستان العراق مختلفة في تحديات الازمات والصراعات نظرا للدم والهدم المسفوكين قبل واثناء وبعد 2003م رغم ان الزعيم مسعود البارزاني وصف ما بعد السقوط الحتمي لصدام ونظامه بقوله في شبيهه متأملا بعد سقوط بشار الاسد ومتمنيا ان تكون المرحلة:"بداية لتصحيح مسار التاريخ وإنهاء الممارسات الخاطئة والمجحفة التي كانت تُرتَكَب بحق الشعب الكوردي". وهذا يجسد رؤية الهوية والمآل لكرد سوريا وكرد العراق على حد سواء في ذلك، ومن ثم فتموضع القوى حول مستقبل:(الاقليم، الحكومة، الازمة، الصراع) هو تموضع يحاول من قبل قيادة وحكومة وبرلمان الاقليم إيجاد مقاربات لادارة الازمة قبل ان تتحول الازمة لصراع يحتاج قيادة لا إدارة.فالاقليم خاصة بعد انتخابات البارتي 2023م، وانتخابات البرلمان2024م، وهو في الطريق لتشكيل حكومة جديدة وبرلمان جديد، يحتاج للأمل كل الأمل، لذلك يقول رئيس الاقليم نجيرفان البارزاني أنه وحزبه البارتي يعمل:" بأمل ورجاء من أجل مستقبل أكثر إشراقاً، ...يجب أن يساير دائماً تطورات العصر ويحدث نفسه تماشياً معها في المجالات كافة ويطور تجربة الحكم ويعزز المؤسسات والروح الوطنية والإصرار على النضال، ليضمن حرية وكرامة وكل حقوق شعب كردستان".وهذا خطاب يجمع الهوية والمآل ويجيب عن سؤال مستقبل الاقليم الاستشرافي وحكومته وبرلمانه بدوراتهما المتعددة وشعبه المتطلع للهوية والحلم وسط ازمات علنية وسرية مع المركز وصراعات متعددة علنية وسرية مع المحيط.والرؤية الاستشرافية للسؤال توجد جوابه في التحليل المنصف المحايد المتخذ الواقعية السياسية لا المثالية منهجا أن الاقليم وحكومته خاصة بعد ازمة استفتاء2017م التي تلت ازمات مقاتلة الاقليم للارهاب قبل وبعد 2014م جنبا لجنب مع الحكومة، إنما يتحدد بهوية تريد الانصاف ورؤية لمآل عادل لأرضه ومجتمعه سويا.ان اقليم كردستان هو قطعة تمت فدرلتها وكانت تستحق إبان وضع حدود الدم بالدم أن يتم تدويلها لتكون دولة واذ ارتضى الاقليم ذلك من قبل مع غليان الثورات على ما يتم ظلمه فيه منذ1921م فلقد بقي من بعد بقعة أمل في هوية الأمل الكردي طالما استصعب الحكام عدم محاربة مآلاته، لذلك فبعد كل ما جرى وجد الاقليم نفسه اذ اقر مع المقرين دستور 2005م أنه يتم تعريضه لبراكين الظلم السياسي والسيادي والوجودي والاستحقاقي للازمنة والامكنة حتى تعامل المركز معه أحيانا وكأنه أرض العدو لا الأرض الشقيقة، ومن ثم فالازمات والصراعات ازدادت وزادها عظما وتعاظما ما جرى في جوار الاقليم وخاصة سوريا قبل واثناء وحتى هذه الايام التي تلت سقوط بشار الاسد، ومن ثم يغدو مفهوما للمحلل المنصف المحايد هذا التباين بين الهوية الوطنية وازماتها والمآل الاقليمي ضمن مآل الاقليم في العراق وتشظياته التي مست الحكومة والبرلمان والسياسة والمجتمع في الاقليم، لولا أن نهض مديروا أزمة كرئيس الاقليم نجيرفان البارزاني ليوقفوا الازمات قبل أن تغدو صراعات كبرى وصغرى متولدة عن صراعات قديمة وجديدة ولربما مستقبلية.الاقليم، الحكومة، الازمة، الصراع في مستقبل الاقليم هم مديرو الازمة وقادة الصراع لان ترك الازمات دون ادارتها والصراعات دون قيادتها يؤدي الى تحديات وتحديات في الحاضر والمستقبل وهو ما تنبه له رئيس الاقليم اذ بين في خطابه لكل العراقيين لا للكرد فحسب:"أقول لجميع السياسيين العراقيين، أن الوقت حان للجلوس معا لمعالجة مشاكل العراق من الناحية السياسية، لضمان مستقبل أفضل للبلاد، لأن الشعب العراقي عانى كثيرا ويستحق الأفضل" وهذه عقلية رجل يريد ادارة الازمة ولا يريد للازمة ان تتحول لصراع هويات أو صراعات مآلات وسط براكين تحديات ما بعد السابع من اكتوبر2023م ومابعد الصراع الاسرائيلي مع دول المنطقة، وما بعد سقوط بشار ومخاوف المركز من محاولات فرض التغيير من خارج العراق، وهو ما يخشاه الجميع. هوية الاقليم هوية كردية عراقية بحكومة فدرالية دستورية ناجحة تخلو من مثلث الفساد والارهاب والعرقية ومآل الاقليم في الاستقرار حلم يرونه بعيدا ونراه قريبا.
|