أدعي باني متابع دؤوب للثقافة والفن في العراق منذ نصف قرن واعرف تحولات الفنانين ومشاكلهم كنت اعرف كيف يتلون المثقفون مع الأوقات والأزمان ! ولا ادعي باني واقف او متفرج على ما يجري من تحولات وتغير الجلود ، ولكني ازاء ظواهر تستحق الوقوف القوي والثابت لتفسير ما يجري فقد ابتلت البلاد بكثرة متعاطي الفن ومدعي المواهب وناقري  الدفوف والضاربين على الاوتار  باصوات شتى على الدفوف وصانعي البهرجة دون علم ودراية القليل منهم موهوبون والكثير منهم  منشزون افاقون بلا علم بلا دراية بالمقامات وفنون الإيقاع ولا يميزون  بين المقسوم والجورجينا ولا يعرفون النغم والمقام بين البيات والصبا ولا بين العجم و اللامي انهم يطلقون اصواتهم محاكاة لغيرهم ، ويزعقون حتى يسمعوا الآخرين اصواتهم إما من اجل الشهرة او في الأغلب العيش   بمواهبهم العارية ،،من الحرفة والدراية حتى بات الفن مثله مثل مهن كثيرة مستباح للهواة والمحترفين بلا احتراف مهني ومهنة  وللافاقين بلا خجل ، المهم الإيقاع مهما يكن شكله ولونه ومضربه ومخرجه ،، والناس لأتميز بين الغث والسمين إلا القلة من العارفين ، لكنها تتابع الظواهر وتعود لتقيم ما يحدث بالسماع لأصوات والحان صنعت بزمن الجودة ،

لا اقول ان المواهب الجديدة خالية من المبدعين ولا ابخس حق منجزات عشرات المطربين بخامات أصوات عراقية جميلة يسمعها الناس وتاخذ اعلى نسب المشاهدة عن جدارة لكنها تفتقر التوزيع الجيد والتأليف الحسن للموسيقى وترجح الإيقاع والأغنية واللحن الجيد ليس كذلك لانها صنعة محترفين لا تجارب هواة ، اذكرّ بلجان الفحص العظيمة التي يقودها وديع خوندة وحسين قدوري وطالب القره غولي وسواهم وهم يسمعون عشرات الأصوات ويقصون  معضمها ويقولون لهم اذهبوا لمهن اخرى او كما كان طالب القره غولي بروحه الفكهة يقول لبعصهم من يريد أن يكون مطربا بانك ( مطرب عن الطعام ،  روح دورلك شغله ثانية ) لكنه يقف مرحبا بالموهوبين لانه صانع امهر للالحان والنغم العراقي ،،هذا الجيل صار من الماضي نعم لكنه ظل يؤسس لثقافة عراقية لابد ان تحترم كي نسمع بروح ونغم جميل وراقي.