ذو الوجهين في القصيدة العربية |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص :
سامي ندا جاسم الدوري يُعرف الشخص ذو الوجهين بكونه منافق وخبيث لأنه يقول في وجهك شيء ويقول لشخص آخر شيء مختلف تمامًا عنك، كما ويتظاهر باتباع الدين والأخلاق والإيمان وهو فى الحقيقة يتحلى بصفات سيئة، على العكس مما يقوله أو يظهره لنا، والنفاق ليست من صفات المؤمن وهي من أسوأ الصفات التي يتصف بها الشخص، إذ تفرق بين الناس، وتؤدي لنشوء الكراهية بينهم .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار ) . إن شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه . لأن حاله حال المنافق إذ هو متملق بالباطل وبالكذب مدخل للفساد بين الناس . وذو الوجهين هو الذي يأتي كل طائفة بما يرضيها فيظهر لها أنه منها ومخالف لضدها، وصنيعه نفاق ومحض كذب وخداع وتحيل على الاطلاع على أسرار الطائفتين وهي مداهنة محرمة ، وأما من قصد بذلك الإصلاح بين الطائفتين فهو محمود، والفرق بينهما أن المذموم من يزين لكل طائفة عملها ويقبحه عند الأخرى ويذم كل طائفة عند الأخرى، والمحمود أن يأتي لكل طائفة بكلام فيه صلاح الأخرى ويعتذر لكل واحدة عن الأخرى، وينقل إليها ما أمكنه من الجميل ويستر القبيح . قالَ الشاعر / لا خَـــيــرَ فــــي وُدِّ امــــرِءٍ مُـتَـمَـلِّـقٍ حُـــلـوِ الــلِــسـانِ وقَــلــبُـهُ يَـتَـلَـهَّـبُ يُـعـطيكَ مـــن طَـرَفِ الـلسانِ حَـلاوَة ً وَيَـــرُوغُ مِــنْـكَ كــمـا يَـــروغُ الـثَّـعْلَبُ واخــتَـرْ قَـرِيْـنَـكَ واصْـطَـفِـيهِ مُـفَـاخِراً إِنّ الـقَـرِيْـنَ إلـــى الُـمـقْارَنِ يُـنْـسَبُ وذو الوجهين ممثل بارع، يتقمص شخصيات عدة، ويستطيع إقناع الآخرين بأساليبه المراوغة، وأكاذيبه المزيفة؛ فحاله ينطبق على حال المنافق؛ لأنه يتملق بالباطل لذا وصفه النبي صلى الله عليه وسلم (بأنه من أشر الناس ) . قالَ الإمامُ الشافعيّ : صُـنِ النفسَ واحمِلها على ما يَـزينُها تَـعِـشْ سَـالِـماً والـقَـولُ فـيكَ جَـمِيلُ ولا تُـــوِلــيــنَّ الـــنَّـــاسَ إلاَّ تَــجـمُّـلاً نــبــا بِـــكَ دَهــــرٌ أو جَــفـاكَ خـلـيـلُ وإن ضـاقَ رزقُ اليومِ فاصبرْ إلــى غدٍ عَـسـى نَـكَـبَاتُ الـدَّهْـرِ عَـنْـكَ تَــزولُ ولا خـيــرَ فــــي ودِّ امــــرئٍ مُـتَـلَـوِّنٍ إذَا الـرِّيـحُ مـالَـتْ مَــالَ حـيْـثُ تَـميـلُ ومَـــا أكــثـرَ الإِخْــوانَ حِـيـنَ تَـعُـدُّهُمْ وَلَــكِـنَّـهُـمْ فـــي الــنَـائِـبَـاتِ قــلِـيـلُ (أبو وجهين) من أخطر الناس، ومن أصعب الشخصيات التي تواجهنا في حياتنا؛ لأنه يُظهر لك الوجه الحسن، ويخفي الوجه القبيح الذي يستخدمه للطعن في الآخرين. والمشكلة أن هذا الصنف من الناس لا تكتشفه إلا بعد فوات الأوان فهو في نظر الجميع يمارس دورًا إصلاحيًّا، وواقعه يقول غير ذلك. وقد نكون نحن سببًا في وجود مثل هذه الشخصية بيننا بسبب ثقتنا المفرطة. والمشكلة أن فينا من يصفق له، ويعطيه أكبر من حجمه. وقد وصفت الأحاديث النبوية هذا الصنف بأنه أشر الناس فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( تجد أشر الناس يوم القيامة ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بحديث، وهؤلاء بحديث ) . قال ابن الرومي / ملَكَ النفاقُ طباعَه فتَثَعْلَبا وأبى السماحةَ لؤمُهُ فاستكلبا فترى غروراً ظاهراً من تحته نَكدٌ فَقُبِّح شاهداً ومُغيَّبا ولَشرُّ من جرَّبتَهُ في حاجةٍ من لا تزال به مُعنَّىً مُتعبَا من لا يبيعُك ما تريد ولا يرى لك حُرمةً إن جئته مُستوهِبا والشعر يبين لنا مدى بشاعة صفة ذو الوجهين حيث إن المجتمع يعاني بشكل بالغ منهم، وذلك لأنهم يضرون الكثير من الناس، وهذا من خلال العديد من الأشكال، ولذلك قام العديد من الشعراء بالتحدث عنهم في شعرهم . قال الفرزدق / وَأَفلَتَ دَجّالُ النِفاقِ وَما نَجا عَطِيَّةُ إِلّا أَنَّهُ كانَ أَمهَرا مِنَ الضِفدَعِ الجاري عَلى كُلِّ لُجَّةٍ خَفيفاً إِذا لاقى الأَواذِيَّ أَبتَرا وَراحَ الرِياحِيّانِ إِذ شَرَعَ القَنا مُطَيرٌ وَبَرّادٌ فِراراً عَذَوَّرا وَلَو لَقِيا الحَجّاجَ في الخَيلِ لاقَيا حِسابَ يَهودِيَّينِ مِن أَهلِ كَسكَرا الشخص ذو الوجهين هو الشخص المنافق الكاذب، الذي يتعامل مع الناس بدون صدق في المشاعر. حيث يظهر هذا الشخص للناس غير الذي يبطنه بداخله، فتراه يقول كلام معسول لشخص ما ومن داخله يكن له كل الشر والحقد. كما نجد أن الشخص ذو الوجهين دائمًا شخص حاقد وحاسد للناس، ويتمنى زوال النعم عن غيره، فهو شخص غير سوي لا يستحق العيش بين الناس الأسوياء. عندما يعلم الناس أن هناك بينهم يعيش شخص منافق من الذين يلقبون بذات الوجهين، يبتعدون عنه بشكل تدريجي. الشخص المنافق ذو الوجهين شخص مؤذي بطبعه لا يحب الخير للآخرين، لذلك الابتعاد عنه أفضل حل. في النهاية يجد الشخص ذو الوجهين نفسه وحيدًا ليس له أصدقاء حقيقيين، وغير محبوب على الإطلاق، فيدخل في دائرة منغلقة على نفسها من العزلة والانطوائية بسبب أفعاله . قال الإمام علي رضي الله عنه / أَلا باعَدَ اللَهُ أَهلَ النِفاقِ وَأَهلَ الأَراجيفِ وَالباطِلِ يَقولونَ لي قَد قَلاكَ الرَسولُ فَخلّاكَ في الحالِفِ الخاذِلِ وَما ذاكَ إِلّا لِأَنَّ النَبيَّ جَفاكَ وَما كانَ بِالفاعِلِ فَسِرتُ وَسَيفي عَلى عاتِقي إِلى الراحِمِ الحاكِمِ الفاصِلِ ذو الوجهين هو المنافق بعينه، وما أكثر هذا الصنف من الناس في مجتمعاتنا العربية، يمنّون الناس بالباطل، باطنهم خلاف ظاهرهم، وهم في عداد الكذبة الذين يقولون ما لا يفعلون تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى، والعدو الخفي من يمنيك كذبا وما أن تحتاجه حتى يروغ منك ولا تجد مما قاله مثقال حبة من خردل، فهو مثل الثعلب في المكر والخداع، والعاقل الكيّس يعرف هذا الصنف من الناس، ومن صفاتهم أنك إذا سمعت كلامهم أعجبت به، وإذا سبرت غورهم كشفت خداعهم، فالحذر الحذر من هؤلاء، وقد أنزل الله تعالى في حقهم عشرات الآيات ووعدهم بأشد العقاب، كما وصفهم بصفات منها أن في قلوبهم مرضا وأنهم يفسدون في الأرض، وعدم الوفاء بالمواعيد .قال الشاعر / لِسانُ حالِكَ يُنبي ما تُخَبِّؤُهُ إذ من أوارٍ وغُبنٍ كدتَ ترتجِفُ وذا لِسانُكَ يوشي فيَّ مُزدرِياً أخالُهُ بانَ لو للخلفِ تنعطِفُ كالأُفعُوانِ غدا بالسُّمِّ مُمتَلِأً فصاحب ُ الصِّدقِ عمّا رُمتَ مُختلِفُ أمِطْ قِناعَكَ يا هذا فلستُ أنا مَن قد يُغَرَّرُ فيهِ أيها الصَّلِفُ ومن صفات ذو الوجهين ،صفة ذميمة حذر النبي صلى الله عليه وسلم منها بقوله{تجدون شر الناس ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه اخر ) . وذو الوجهين يكون مع قوم على صفة ومع غيرهم على صفة أخرى فإذا عاشر أهل الصلاح أظهر لهم الصلاح والتقوى وإذا عاشر الفساق أظهر لهم الفجور والفواحش . قال الشاعر / أَرَأَيْتَ أُنَاسًا مَذْهَبُهُمْ غَدْرٌ وَمَكَائِدُ تُرْهِقُنَا فِي الظَّاهِرِ تَحْسَبُهُمْ عَصَبًا فِي الْبَاطِنِ نَارًا تَحْرِقُنَا كَذَبُوا فَأَغَارُوا، مَا حَسِبُوا لِلصُّحْبَةِ حَبْلًا يُوثِقُنَا غَدْرُ الْإِخْوَانِ لَهُ شَرَرٌ يَمْحُو الْأَخْلَاقَ وَيَسْحَقُنَا وذو الوجهين منافق في العلاقات الاجتماعية كاذب ومخادع في علاقاته ومبادئه متلون مع أصدقائه في مواقفه ومشاعره لا تثق به فإنه أصلا لا يثق بنفسه ، وذو الوجهين ليس له شخصية مستقلة أنما هو تابع وليس له مبادئ وهو مهزوم من الداخل حياته كلها في الكذب والخداع والمراوغة لان لا شخيصة له ، وذو الوجهين يظهر السرور بك والفرح بوجودك وما يدري المغفل أنه مكشوف عند أهل الفراسة والفطنة وإن تخفى وراء الأقنعة المزيفة الكاذبة. وذو الوجهين منتشر في كل زمان ومكان فلنكن على حذر منه .والمؤمن الصادق لا يتلون ولا ينافق ولا يكذب بل يبقى على صفة ثابتة وشكل معين ومبدأ واضح ولا يتبدل حسب مصلحته ولا يضمر السوء لإخوانه.كما ان ذو الوجهين سبب فساد كثير من العلاقات وهجر الاحباب وقطيعة الارحام . ولا يبقى معه إلا من هو على شاكلته . قال صالح عبدالقدوس / وإذا الصديق لقيته متملقاً فهو العـدو وحقـه يُـتجنبُ لا خير في ود امريءٍ مُتملقٍ حلو اللسان وقلبهُ يتلهَّبُ لقاكَ يحلفُ أنه بكَ واثقٌ وإذا توارى عنكَ فهو العقربُ يُعطيكَ من طرف اللسان حلاوةً ويروغ منكَ كما يروغ الثعلبُ
|
المشـاهدات 25 تاريخ الإضافـة 28/12/2024 رقم المحتوى 57531 |
مثقفو البصرة وادباؤها يستذكرون السياب في الذكرى الستين لرحيله |
دبي تمنح البروفيسورة ياسمين بلقايد من الجزائر جائزة "نوابغ العرب" عن فئة الطب العام |
انعتاق إلى روح الشاعر بدر شاكر السياب في ذكرى رحيله 24 /12/1964 |
ما وراء الحدث: استراتيجيات التبئير في (سباق الزوارق) للقاص كامل فرعون |
عالم الآثار الكبير البروفيسور زاهي حواس: أغلب الاستكشافات الأثرية المهمة جاءت عن طريق الصدفة |