الإثنين 2025/3/10 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
غائم
بغداد 20.95 مئويـة
نيوز بار
تقاسيم على الهامش (( حين تغرق الشوارع ،،،، ! ))
تقاسيم على الهامش (( حين تغرق الشوارع ،،،، ! ))
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب عبدالسادة البصري
النـص :

 

 

قبل يومين واثناء عودتنا من بغداد، بعد حضورنا بعض ايام الاسبوع الأدبي الذي اقامه اتحاد الجواهري العريق وبعد ليلة غرقت فيها شوارع بغداد ، في الطريق الى البصرة لم يتوقف المطر عن الهطول ، ، فبتنا نردّد كلمات السيّاب :- أتعلمينَ أيّ حزنٍ يبعثُ المطر ؟ حينها لم يدر بخلدي أنني سأكره المطر ذات يوم ، لما كنتُ أشعر به وهو يتغلغل بين كل مسامات روحي فرحاً وانتعاشاً كلّما سرتُ تحته !!

منذ أن فتحت عينيّ على المطر ، وأنا طفل أحبو في باحة بيتنا الطينيّ في أقصى جنوب القلب ، عشقتُ المطر ، وعشقت رائحة الأرض بعد سقوطه ، لهذا أجدني منتعشاً ومبتهجاً وحالماً أركض تحت المطر !!

كانت قريتنا تزدان بالمطر ، وهو يطرق الشبابيك والسطوح ويجعل من المزاريب آلات موسيقية تعزف أجمل الألحان حين ترمي بالماء على الأرض ليحفر أخدوداً يأخذ مسارب شتى !!

كنّا ساعتها مجبولين بالعشق القروي للمطر ، نلعب ،ونفتح اكفّنا لنتلقّف حبيبات الحالوب جاعلين منها حلوى باردة في أفواهنا !!

كانت البساتين تلبس حلّتها الخضراء المبتلّة ، يقطر الماء من سعف النخيل وأغصان الأشجار والأوراق ليلثم خدّ الحشائش والأزهار!!

كبرنا ، وكبر هذا العشق المطريّ في أرواحنا .. ولكن ... و( آه من كلمة ال لكن ) أصبحنا الآن نتهرب منه ، بل نتذمّر وننزعج حين تمطر ، ندعو من كل قلوبنا أن لا تمطر أبداً ، مع أننا نعرف جيداً أن المطر حياة الأرض ، والسبب الخراب وسوء الخدمات !!

عند أول قطرة تطفح المجاري المسدودة ، وتفيض الشوارع ، وتغرق البيوت والأسواق ، ويتسرب الماء من السطوح ( يخرّ سطح البيت ) وتسقط منازل عديدة !!

لهذا نتوقف ونقول :ــ ماذا قدّمتم للناس خلال هذه السنوات ، غير الخراب والقلق والأمراض والموت ؟!

كان الناس يدعون لزوال حكم الطاغية الفاشي الذي جرّ البلاد إلى حروب وموت وخوف مزمن ، وينتظرون ساعة الخلاص منه ، حيث رقصوا وغنّوا في الشوارع والبيوت فرحين بسقوطه ، حالمين بأيام خيرٍ وسعادةٍ وهناء ، لكنكم بدّدتم فرحتهم ، وسرقتم سعادتهم ،وضيّعتم أحلامهم !! جئتم باحترابكم الطائفي ، ومحاصصتكم المقيتة التي شرعنت للفساد ، وما تزال تشرعن كلّ يومٍ قانوناً لا يقبل به عقل ولا منطق ولا ضمير إنساني أبدا !!

لم تفكروا ببناء الإنسان بناءً حقيقياً بعدما أنهكته الحروب والفاشيّة  ، ولم تقدّموا له العلم والمعرفة والخدمات والحقوق !!

لم تفكّروا ببناء الوطن بناءً حقيقياً ، من خلال إعادة الحياة إلى المصانع والمعامل والمزارع والعمران والعدالة والحرية والتقدّم والتطوّر في كل شيء !!

بناء الوطن يأتي من خلال بناء الإنسان ،، وعشق المطر يعني عشق الحياة  والجمال !!

بفسادكم ، وانتشار الخراب وسوء الخدمات واللامبالاة وعدم التفكير الحقيقي والصحيح ببناء الانسان و الوطن جعلتمونا غرباء في وطننا ، فصرنا نكره المطر مرغمين ، لأنّه يُفسد علينا كلّ شيء ،، لهذا نظلّ نردد مع كلّ زخّة مطر :- وكيف يشعرُ الغريب فيه بالضياع ؟!

المشـاهدات 31   تاريخ الإضافـة 10/03/2025   رقم المحتوى 60294
أضف تقييـم