في قلب المشهد العراقي المتقلب، وفي خضم التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، برز اسم محمد الحسّان، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، كرمز للدبلوماسية الهادئة والفعالة، وصوتٍ متزن ينادي بالحوار، ويدفع بخطى ثابتة نحو الاستقرار والإصلاح.منذ تسلّمه مهامه، حمل الحسّان على عاتقه مسؤولية كبيرة في تمثيل الأمم المتحدة والتواصل مع مختلف الأطراف العراقية، واضعًا نصب عينيه هدفًا واضحًا: دعم العراق في مسيرته نحو السلام المستدام، والتنمية، والسيادة الكاملة. وتميزت مقاربته بالحيادية الصارمة، والواقعية البناءة، ما جعله يحظى باحترام معظم الفرقاء السياسيين والاجتماعيين.عمل الحسّان على تعزيز دور بعثة الأمم المتحدة (يونامي) بوصفها منصة داعمة للحوار الوطني، ومسهّلة لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية المتباينة. وقد كانت مداخلاته في الأزمات الكبرى حاسمة، حيث مارس دور الوسيط الحيادي والمستشار الصادق، من دون أن يملي رؤىً أو يتدخل في الشؤون السيادية، بل حرص دومًا على أن تكون الحلول عراقية المنشأ، بدعم أممي غير منحاز.كما كان للحسّان دورٌ واضح في ملفات الإصلاح السياسي ومكافحة الفساد، إذ دعم جهود السلطات في تحسين أداء مؤسسات الدولة، ودعا إلى احترام القانون وضمان العدالة الانتقالية. أما في الجانب الإنساني، فقد أظهر التزامًا عاليًا بقضايا النازحين وحقوق الأقليات، مشددًا في أكثر من مناسبة على ضرورة تحقيق عودة آمنة وطوعية للنازحين، ودعم إعادة الإعمار في المناطق المحررة.لقد قدّم محمد الحسّان نموذجًا ناجحًا للدبلوماسي الدولي القريب من الناس، والحاضر في تفاصيل المشهد، دون أن يعلو عليه. تحلى بالصبر، واتّسم بالحكمة، وعمل في أصعب الظروف بحسٍّ إنساني عالٍ، مستندًا إلى مبادئ الأمم المتحدة التي تقوم على احترام سيادة الدول وحقوق الشعوب.إن إشادة الأوساط السياسية والمدنية العراقية بدوره، ما هي إلا شهادة تقدير على نزاهته وأدائه، ودليل على أن العراق، برغم أزماته، لا يزال قادرًا على بناء شراكات مثمرة مع المجتمع الدولي، عندما يكون هناك من يمد يده بنية صادقة كما فعل العُماني محمد الحسّان.