
![]() |
ثمن الغربة |
![]() ![]() ![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
النـص :
قصة: سعد كريم الاحمر في ليلة شتوية باردة، جلس ذلك الشاب العراقي في شقته الصغيرة في احدى المدن الاوربية، يتأمل الثلج المتساقط من نافذته. مضت ثلاث سنوات منذ أن غادر وطنه بحثًا عن فرصةٍ أفضل... حلم كان يراه نورًا في نهاية نفق طويل. في البداية، كان كل شيء يراه جديدًا ومبهرًا. الشوارع النظيفة، القوانين الصارمة، والهدوء الذي لم يعتده. لكن مع مرور الأيام، بدأت الغربة تزحف إلى قلبه كضباب كثيف، تخنق روحه شيئًا فشيئًا. اشتاق إلى أمه، التي كانت رائحة خبزها توقظه كل صباح .. إلى صوت المؤذن من المسجد القريب من بيته...إلى ضحكات أصدقائه في الزقاق الذي كان يعيش فيه. حتى ضجيج المدينة الذي كان يظنه مزعجا، صار يفتقده. كل مساء، بعد عمله المرهق، صار يعود إلى وحدته، يفتح هاتفه ويتصفح صور العائلة، يسمع الرسائل الصوتية من أمه: "كيف حالك يا حبيبي؟ هل تتناول طعامك بما يكفي ؟ وهل تحمي نفسك من البرد بشكل جيد؟... الجميع هنا يسألونني عنك في كل يوم، ويبلغونك تحياتهم واشواقهم" في أحد الأيام، تلقى اتصالًا من والده يبلغه أن جدته التي كان يحبها تنازع الموت. ولشدة حبه لها، حاول حجز تذكرة طائرة في الوقت المناسب ليودعها، ويليُقبل جبهتها للمرة الأخيرة. بيد انه لم يجد حجزا قريبا الى العراق بسبب تصادف ذلك مع اعياد رأس السنة. وظل ينتظر، حتى اتصل به والده مرة ثانية ليبلغه بوفاتها، وبقولها قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة:
عندها فقط أدرك ذلك الشاب، أن الغربة ليست بُعدا جسديا فقط، بل فقدان لحظات لا تعود. تلك الليلة، جلس يكتب رسالةً إلى نفسه، قرر فيها أن الغربة، رغم ما تمنحه من فرص يتمناها كل انسان، الا ان لها ثمنا باهضا، يكون احيانا أغلى من المتوقع بكثير. |
المشـاهدات 63 تاريخ الإضافـة 05/10/2025 رقم المحتوى 67051 |