الخميس 2024/12/26 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 16.95 مئويـة
نيوز بار
السمات الجمالية والتقنية في( صدى الخريف الاخضر)
السمات الجمالية والتقنية في( صدى الخريف الاخضر)
فنارات
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب
النـص :

                                                               علوان السلمان

 

قصيدة النثر نشاط لغوي مبدع، يعبر عن رؤية، باستخدامه التصوير والتخييل.. كونها خيارٌ جماليٌّ تقدم بناءً وفضاءً شعريا بمعايير فنية متجاوزة.. 

والشاعر كاظم مزهر في مجموعته الشعرية(صدى الخريف الاخضر) التي توزعت ما بين القصيدة والقصيدة القصيرة (قصيدة الصورة )..واسهمت دار كيوان في نشرها وانتشارها/2022.. كونها تستدعي مهارة فنية وقدرة على التكثيف و التركيز باختزال الاستطراد الوصفي مع اكتناز دلالي وعمق فني يكشف عن بنية حية وبناء فني متماسك الوحدات النصية.. لذا فهي تقتضي وعيا ومعرفة شفيفة للمعنى.. ابتداء من العنوان بوصفه بنية نصية لها اشتغالها الدلالي في النص.. وبناء درامي له محمولاته الثقافية والمعرفية..والتي شكلت المفتاح الاجرائي للتعامل مع المتن النصي في بعده الدلالي والرمزي.. فضلا عن انه الحاضن الاول لابعاد جمالية ودلالية ورمزية.. اضافة الى منح النص هويته وتحقيق دوره الاستثاري والايحائي.. لذا فهو بؤرة الاثارة التي تعلن هيمنتها على النص عبر دلالتين متداخلتين: اولهما اشارية مرتبطة بالذات المنتجة (الشاعر)..وثانيهما مرتبطة بفضائها من خلال تجريد الاشياء من شيئيتها بدرامية منولوجية تسهم في نسج عوالمها بخيوط الوجد.. مجسدة فكرا مترابطا بوحدة موضوعية تعبر عن رؤية باستخدام التصوير والتخييل..

انت الممكن السهل..اعرف هذا / مثلما اعرف انك رغبتي الاخيرة

لكنني كعادتي اقول: انت المستحيل /اقولها كي لا اتبعثر..

منذ اعوام وانا الملم نفسي / اجذب اطرافي واتحاشى

كقطرة زئبق في صينية من الفولاذ

مرة في الزمن السحيق تناثرت/ كانت عضلاتي مفتولة واضحك كثيرا

لذلك تجمعت بالفطرة / القيت خطابا في غرفتي ليلا

لم يكن غيري يستمع: (ايتها النفس اللوامة / لا تذهبي حسرات..

قليلا من الخطيئة..كثيرا من الطاعة../ ص24

فالمنتج(الشاعر) يحاول استنطاق اللحظات الشعورية عبر نسق لغوي قادر على توليد المعاني من اجل توسيع الفضاء الدلالي للجملة الشعرية..مع اعتماد الرمز السمة الاسلوبية التي تسهم في الارتقاء بعوالم النص واتساع مساحة دلالته بذهنية متفتحة ورؤية باصرة لوعي الفكرة وتحقيق اضاءتها..باعتماد اللفظة المركزة..المكتنزة بالايحاءات الخالقة لصورها التي ارتقت اعلى درجات التعبير وحققت امكانية التأثير.. والاسهام في توليد البنية الدلالية التي تعد من اهم المرتكزات الاسلوبية لدى المنتج (الشاعر) بما تحدثه من اثر في نفس المستهلك (المتلقي) من خلال المفاجأة المقترنة بالانزياح الدلالي..مع توظيــفه الفعــل الدرامي الذي ياخــذ ابعادا نفسية واجتماعية.. فضلا عن تميزها بجملها المكثفة.. الموجزة.. المركزة على الفكرة باعتماد البناء المشهدي المتكىء على جمل قصيرة موسومة بالحركة..بلغة قائمةعلى الاستعارة والمجاز ضمن بلاغة الانزياح والخرق الجمالي.                                                                                            

انت وردة وحيدة

لكنك في العطر امة

قلب يسع العالم/ ص36

                                                                              

ما يدفع بي الى الجنون

انك لم تستفيقي

حتى الآن

رغم بحة قلبي.. /ص62

 

لانني نقطة البداية

وانت مولعة بالدوران

ستمرين بي  ثانية    /ص63

فالنص يتميز بالتكثيف والتوهج والانسيابية المتشكلة من تناغم الحروف..اضافة الى اعتماد المنتج(الشاعر) الوصف الحسي الدال على تألق الصورة المشهدية.. فضلا عن تحريك دلالات النص ببناء فني يعتمد التكثيف والايجاز مع اقتصاد في الالفاظ بنسج فني مستوعب اتساع المعنى لضيق العبارة الخالقة لجمالية ادهاشية مستفزة للذهن ونابشة لخزانة المستهلك(المتلقي) الفكرية عبر خطاب سايكولوجي او سوسيولوجي بلغة درامية تنزع نحو التصوير المؤثث لفضاء النص بصور تتكيء على جدليتها واللغة الرامزة..المكثفة..المكتنزة بالدلالة ..

(انا الوهم الذي يغفو معك في السرير والحقيقة التي تستيقظ في الاحلام../ انا  قطرة المطر الغريبة وفوق مظلة توحدك../انا بسمة افتش في ثغرك عن سعادة قديمة../ انا العاشق الولهان المتواري في الدروب البعيدة/انا حبك الاخير الذي يرعبك بعد قصص حب مدمنة على الفشل/انا دعاء الوفاء عند ضريح عولمة الخيانة /انا ظلك الذي يطفو في حيطان الخسارة وصورتك في المرايا الناجية من مذبحة الغبار/ سألوح لك بيدي/ عندما تعبرين الى جهات متكسرة / انا الحب البعيد..الحلم البعيد..) / ص111

فالنص يعبر عن لحظة درامية تتكيء على حقول دلالية وتقنيات فنية و جمالية للتعبير عن الذات والذات الجمعي الاخر ابتداء من المستهل عبرضمير المتكلم الذي يمنح النص دلالة مزدوجة تتمثل في الفعل والحركة .. فضلا عن المحافظة على النسق الجمالي الشعري من حيث التركيب اللغوي والتكثيف الدلالي والايقاع الداخلي النابض بالحياة.. المنبعث من بين ثنايا الالفاظ..فضلا عن محاولة المنتج (الشاعر) استكشاف دواخل النفس برؤية متعددة الزوايا ليضيف على جسد النص ذائقة جمالية عبر حدث يتخطى الحسي الى افق الرؤيا.                                   

عندما توقفت طويلا امام تمثالك / الذي اقامته قبائل حزن

رايت الخوف شيطانا يلقنه البكاء  

والعاكفين عليه عراة من يقين

لم اخلع قميصي واتخذه ربا

فقط طفت به اشواطا

لاصنع منه بيتا للخيال

احج اليه كلما أذن في القلب نبي الشعر  /ص94

    فالمنتج(الشاعر) يحاول استنطاق  اللحظات الشعورية عبر نسق لغوي قادر على توليد المعاني من اجل توسيع الفضاء الدلالي للجملة الشعرية.. باعتماده اللفظة المركزة..المكتنزة بالايحاء والمتميزة بالانسيابية والتدفق.. من خلال تركيز الجملة داخل عوالم البناء المتدفق شعوريا بوحدة موضوعية وفكرية مركزية يحلق ويحوم حولها المعنى..فضلا عن توظيفه الرمز السمة الاسلوبية التي تسهم في الارتقاء بعوالم النص واتساع مساحة دلالته.                                              

من كل هذا نستنج ان النص الشعري عند المنتج(الشاعر)يتسم بجملة من السمات الجمالية والتقنية.. حيث اللغة المكثفة والجمل الصورية المختزلة.. والولع بالمشهدية البصرية مع توظيف بعض التقنيات الاسلوبية كالتكرار(بعيدا اوغلت/ ثم تلفت/تلفت كثيرا/ تلفت /تلفت.../ حتى غدوت اضحوكة الاشياء.. /ص88.. ويؤتى به لإشباع المعنى والاتساع في اللفظ..مع اضفاء موسقة مضافة على جسد النص..وهناك اسلوب الاستفهام (هل عاودت عشتار نزهتها/في زمن الذبول؟) ص13..لإيجاد إثارات خطابية ومنبهات عقلية من جهة وليقوم بشحنة دلالية  وإيقاعية ونفسية  من جهة اخرى..فضلا عن قيامه على محورين متداخلين: أولهما الرمز الشعري الذي يسهم في تجاوز الدلالة والايحاء بدلالة جديدة.. وثانيهما يتعلق بالمكان المشحون بالاحاسيس والانفعالات والافكار التي تشكل علاقة وطيدة بالابداع والكيفية التي يتجاوز بها الشاعر واقعيته وحسيته من جهة ومن جهة اخرى  ليغدو رمزاً مبطناً بالمعنى...

 

المشـاهدات 168   تاريخ الإضافـة 27/07/2024   رقم المحتوى 50226
أضف تقييـم