الجمعة 2024/10/18 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 29.95 مئويـة
الوجه الآخر للحرب
الوجه الآخر للحرب
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب د. حسين الأنصاري
النـص :

غالبا ما تفرز الحروب الكثير من الملامح غير المباشرة والتي تكون بعيدا عن ساحات الصراع  والمواجهات  العسكرية بين الجيوش وتشمل هذه الملامح الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية  ولعل ابرز  آثارها تتجسد بالاثر الإنساني الذي سرعان ما ينعكس على حياة المدنيين الذين يعانون من النزاعات المسلحة، بما في ذلك موت بعض الأفراد من العائلة ، الفقر، التشرد، الجوع، والشعور  النفسي المأزوم والاحساس الدائم بالحزن نتيجة  الدمار الذي تخلفه الحرب  بما يؤثر على المجتمعات بشكل عميق وطويل الأمد، حتى بعد انتهاء الصراع واشكال النزاع المسلح

فالصدمات النفسية هنا تستمر  بل تشمل معظم الفئات الجنود والمدنيون على حد سواء حيث  سيعانون من آثار نفسية طويلة الأمد نتيجة استذكار الحرب، وهي اضطراب ما بعد الصدمة الذي ينجم عنه القلق والاكتئاب والخوف . هذه الآثار قد تستمر لعقود بعد انتهاء النزاع.

اما في جانب الاقتصاد والحياة الاجتماعية فالحروب تتسبب في تدمير البنى التحتية، وفقدان فرص العمل والبطالة وخلق أزمات اقتصادية مما تؤدي إلى تدمير الهياكل الاجتماعية، وينعكس ذلك على القيم والأخلاق والعلاقات بين أفراد المجتمع وانتشار الفوضى والجهل والتخلف .في الحرب  لا يوجد  فيها طرف منتصر  فكلا الطرفين المتحاربين  هو خاسر بنسب متفاوته  لكن يلجأ المتحاربون إلى استخدام وسائل الإعلام والدعاية والتلاعب بالحقائق  من اجل التبرير والتأثير على الرأي العام  ومحاولة  ايجاد الدوافع والأسباب لارتكاب هذا الفعل الوحشي و اللانساني الذي يتم فيه غالبا تجاوز كل الاخلاقيات والأعراف  والقوانين حين يتم استهداف الناس  المدنيين الأبرياء وتدمير مساكنهم  واستخدام الأسلحة المحظورة والتعامل السىء مع أسرى الحرب وتجاوز  كل ما تتضمنه المواثيق والقوانين الدولية والشرائع الإنسانية ، ورغم المعاناة الاجتماعية والثمن الذي تدفعه الشعوب يرى البعض ان هناك وجها آخر للحرب  فالاستعداد لها يحفز الدول إلى مزيد من البحث والاكتشاف والتطور في المجال التكنولوجي والتسلح المناسب في مجال الدفاع والهجوم ومحاولة مواكبة احدث البرامج  وفي مجال الاقتصاد  تنتهج الدول اثناء الحروب طرقا وأساليب  ترمي من خلالها إدامة روافد اقتصادها وتطويره والمحافظة على مواردها الذاتية  انطلاقا من ان الاقتصاد الجيد يحقق حالة من  التمكن والاستمرار والمواصلة  في التحدي والمجابهة ، كما ان تهديد الحرب غالبا ما يدفع الحكومات إلى محاولة خلق حالة من الانسجام مع شعوبها وتغيير نمط الحكم السائد وتلبية  رغبات وحاجات الشعب  لانها تدرك جيدا ان الشعب لهو الذراع الأقوى في المواجهة والإسناد والتضحية  وان مصير بقائها او زوالها مرتبط به. لكن امام هذه القراءات التي تجد في الوجه الاخر للحرب فوائد  نقول ان الحروب في كل حالاتها تظل حالة لا عقلانية

من شأنها  ان تدمر حياة وكرامة الانسان إلا إذا استخدمت بعقلانية فتكون حربا ضد الفقر. والجهل والأمراض وكل أنواع الفساد ،  عند ذاك تصبح  ذات قيمة اخرى  تعيد رسم الجغرافية البشرية نحو واقع افضل.

المشـاهدات 175   تاريخ الإضافـة 13/10/2024   رقم المحتوى 54627
أضف تقييـم