الثلاثاء 2025/4/8 توقيـت بغداد
+9647731124141    info@addustor.com
سماء صافية
بغداد 25.95 مئويـة
نيوز بار
مأزق السياسة العراقية تجاه سوريا الجديدة
مأزق السياسة العراقية تجاه سوريا الجديدة
كتاب الدستور
أضيف بواسـطة addustor
الكاتب علي الشرع
النـص :

 

العراق هو الدولة الوحيدة المتاخمة لسوريا التي تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة الطوارئ التي قد تحدث فجأة في سوريا. فلا تواجه تركيا مشكلة مع النظام الجديد في سوريا،  فهي التي دعمته واوصلته الى طرد بشار الاسد ودربته على كيفية التصرف كمسؤول بعد ان خلع كوفية الجهاد(!) ولبس البدلة التركية المجانية، والاهم من هذا هو ان الحكومة التركية لا تخشى تهديد داعش اذا ما كان فعلاً يهددها ( لم نلحظ لا تهديد لفظي ولا مسلح من هذا التنظيم طوال السنوات الملتهبة الماضية ضدها)، فهم لا طاقة لهم لخسارة حكومة اردوغان، فتركيا تظل على كل حال المنفذ الخلفي للهروب كما حدث اثناء هزيمتهم في العراق ولجوئهم الى تركيا (بل ان تركيا كانت مرر عبور لهم نحو الأراضي العراقية فهي كانت تستقبلهم وتجهزهم وترسلهم الينا طمعا في ضم الموصل وغيرها الى تركيا). وكذلك الحال مع الأردن حيث لا تواجه مشكلة كبيرة معها كون داعش بعيدة عن حدودها وهي التهديد الرئيس المحتمل لها، اما لبنان فهي تحت حماية فرنسا وستنزل القوات الفرنسية في اية لحظة للدفاع عنها مادامت لها اليد الطولى في تنصيب الرئيس اللبناني وتوجيه السياسة اللبنانية نحو اتجاه معين. اما (دولة إسرائيل) فهي لا تخشى لا داعش ولا الحكومة الجديدة في سوريا، واذا ما وصل تهديد هؤلاء الفعلي الى حدودها في ظل خوف دولة إسرائيل من الزوال فسنزول فعلاً اذا ما اجتمع الداخل الفلسطيني و القوى الخارجية الساعية الى القضاء عليها، لكنهم لن يفعلوا.وبسبب تعقيدات صارت معروفة في الموضوع الداخلي السوري تواجه السياسة في العراق مأزقاً كبيراً حيث تواجه داعش القريب من حدودها التي لا تتناغم بشكل كامل مع السلطة السورية الجديدة في دمشق. فما عسى العراق ان يفعل في ظل الرؤية الضبابية والارباك حيال استقرار السلطة في سوريا؟ هل يقف مع رئيس الإدارة السورية الجديدة لمساعدة الرئيس السوري على لجم داعش؟ واذا لم يقف معه هل  يستخدم داعش كورقة ضغط يحركها متى لم تلبي الحكومة العراقية وتمتنع عن دعمه، ام ان وقوفه مع الرئيس السوري سوف يساعده هو نفسه على تهديدنا؟ هنا يكمن المأزق؟ان وقوف العراق مع الإدارة السورية الجديدة يعني في المقام الأول والاخير دعمها ليس في استقبال رئيسها في القمة العربية، فهذا لا قيمة له بل الدعم الاقتصادي هو المطلوب من خلال استيراد سلعها المنتجة في الداخل السوري؛ لأن سوريا التابعة لأردوغان لا يمكنها تسويق بضائعها الى تركيا لكون تركيا هي نفسها تبحث عن أسواق جديدة لتصريف منتوجاتها لمواجهة تدهور قيمة الليرة التركية.  ولا يمكن ان توجه سوريا منتوجاتها الى الأردن الصغيرة والفقيرة التي هي الاخرى تتكأ على السوق العراقي لتصريف منتجاتها. ولا فائدة كبيرة ترجوها سوريا من إيصال سلعها الى دول الخليج، فمجموع سكان مجلس التعاون الاقتصادي لا يساوي حتى نصف عدد سكان العراق وهو ما لا يساهم كثيرا في انعاش الاقتصاد السوري المحطم. ويبقى السوق العراقي الذي يعتمد على الاستيراد ولا ينتج شيء مهم في داخله هو المنفذ القوي الوحيد للاقتصاد السوري الذي ينتج سلعاً منافسة من ناحية النوعية والكلفة قد تصب في صالح الاقتصاد العراقي عبر تقليل فاتورة الاستيرادات. فهل على العراق ان يدعم الإدارة السورية الجديدة ام يمتنع عن ذلك؟ وهل دعمه لها سوف يجنبه شر الجماعات المسلحة العقائدية التي تنظر الى قسم من سكان العراق انهم ليسوا بمسلمين؟ وما هو الحل المناسب للعراق للخروج من هذا المأزق الحقيقي؟الجواب هو انه باعتبار ان العراق لا زال يعاني من تهديدات إرهابية داخلية يتم تغذيتها عبر سوريا فالحل هو عدم دعم الإدارة الجديدة الا اذا قامت الحكومة السورية الجديدة بخطوة جوهرية وهي التقدم نحو اماكن نفوذ داعش والسيطرة عليها يفترض ان يظهر اثره على قطع شريان داعش الممتد من سوريا الذي يغذي داعش العراقية بحيث تختفي التهديدات الداعشية تماماً، وبعد تحقيق هذا الشرط وانجازه يجري تقييم الأوضاع واتخاذ القرار بفتح العراق حدوده لتدفق البضائع السورية، فورقة الضغط هي بيد العراق وإن كان يبدو في وضع دفاعي ضد التهديدات الإرهابية. ويكون العراق قد حقق هدفين في آن واحد حيث يكون قد قطع الشريان العقائدي لداعش الممتد داخل سوريا ونتخلص بذلك من حالة الإنذار الدائم التي تعيشه القوات الأمنية بتخلصنا من تهديد ليس له نهاية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نكون قطعنا حجة أمريكا في البقاء في العراق بعد زوال التهدد الإرهاب القادم من سوريا تحت عناوين مختلفة. ان هذه الخطوة من جانب الإدارة السورية ستكون لها فوائد أخرى غير محسوبة يمكن تلمسها بالنظر العميق لها.وبخلاف هذا الحل فان دعم الحكومة السورية الجديدة وبقاء داعش على حدودنا يعني اننا نقوم بتقوية أعداء العراق بأموالنا وسندفع ثمن ذلك من دمائنا، وسنبقى نعيش في حالة الاستنفار الدائمة مع لزوم بقاء أمريكا على ارضنا، وهذا هو ما تريده الولايات المتحدة. وعلى الحكومة العراقية ان لا تعثر عثرة لا تُقال بالانسياق وراء الدعوات الخارجية من اطراف لا يصلها ضرر ولا شرر تطالبنا وتحثنا على دعم الادارة السورية الجديدة اذا لم تلبي الشرط السابق بضرورة إزاحة داعش من حدودنا، ولا تستمع للتحليل الساذج على القنوات الفضائية من ان امن العراق القومي غير مرتبط بأمن سوريا، بل العكس من ذلك ان صدى التقلبات في الداخل السوري تجده اسرع من الصوت في بلادنا، فليس بينا وبين تهديد الجيش الاسرائيلي سوى خطوات اذا ما غضت الإدارة السورية الجديدة الطرف عن توغلات هذا الجيش الخائف على دولته من الزوال، فنكون بين فكي كماشة بين تهديد داعش وتهديد اسرائيل.

المشـاهدات 41   تاريخ الإضافـة 07/04/2025   رقم المحتوى 61268
أضف تقييـم