النـص :
تطورت مراحل الكتابة مع مرور الزمن وحسب رغبة القراء ، حيث كان القارئ يعشق قراءة الروايات المتعددة الاجزاء بحيث يستغرق قراءتها اكثر من شهر ، وكان يغوص في احداثها وكأنه احد ابطالها مثل رواية الحرب والسلام ... وغيرها ثم تحول القراء الى رغبة قراءة الرواية ذات الجزء الواحد لعدم صبرهم لمتابعة احداثها لفترات طويلة كما في رواية مائة عام من العزلة...... حيث كانت تلك الروايات تتصدر منصات البيع في المكتبات وكانت من اكثر الكتب استعارة بين الاصدقاء ، ثم تحولت رغبة القراء لقراءة القصة والقصة القصيرة وهذا ماشاهدناه منتصف الثمانينات بعرض القصص ذات الحجم الصغير والمترجمة من اللغات الفرنسية والانكليزية والالمانية والروسية ، وكان القراء كثيرا ما يحصلون عليها للتسلية خلال السفر او قبل النوم ، وبعد دخول الاعلام الجديد وغزو القنوات الفضائية للبيوت بمئات القنوات ولجميع الاذواق ، بدأت معها ساحة مشاهدة القنوات تزداد على حساب قراءة الكتب الورقية ، واستمر التطور السريع للتقنيات الحديثة بدخول الشبكة العنكبوتية الانترنت لتحول القراءة معها الى القراءة الالكترونية ، وصار بالإمكان قراءة اي كتاب الكتروني على شاشة الحاسوب ، وبدأت الكتب الورقية تتزاحم للحصول على مكان يليق بها بين رفوف المكتبات بعد مشاهدة المجازر المروعة بحق الكتب وبمختلف عناوينها واختصاصاتها وهي تفترش الارصفة بشكل عشوائي تنتظر لعل يمر فيها قارئ من الزمن الماضي ينتشلها من واقعها المرير جراء التعرض لأسوء معاملة يمر فيها الكتاب الورقي لم يمر فيه من قبل ، وبعد تلك المشاهد المروعة والتي زرعت الحزن والاسى لدى المثقفين والكُتاب ، تحولوا الى الكتابة الالكترونية لان الطباعة الورقية اصبحت مكلفة ولا تجدي نفعا اضافة الى ذلك فأن النشر الالكتروني يعطي احصائية دقيقة لعدد القراء وبهذا يمكن للكاتب يعرف عدد جمهوره ومتابعيه ، وعلى الرغم من ذلك فأن عدد القراء بدأ يتناقص سنة بعد اخرى ، فتحولت تلك القصة القصيرة الى الاقصوصة وهي قصة قصيرة جدا مقتضبة عن حدث معين تكون وجيزة بكلماتها معبرة بشكل عميق عن معناها ويكون لها الاثر البالغ على القارئ ، ومع ذلك فإن عدد قراءها ليس بالمستوى المطلوب لعدة اسباب اهمها رحيل الرعيل الاول من القراء الذواقين لقراءة الروايات والقصص اضافة الى تسارع الاحداث والحياة بشكل عام بعد تصدر مواقع التواصل الاجتماعي لمنصات الانترنت ، وزيادة المتابعات للمشاهد والمواضيع خالية المحتوى والتي تتصف بالهزل والنكتة المتدنية ، خصوصا لدى اعمار الشباب والذين يعتبرون هم الرصيد الاول للكُتاب سابقا ، كذلك ينطبق الكلام على المقال حيث يلجأ الكثير من الكُتاب لكتابة المقالات الطويلة والسردية والتي يتكاسل فيها القارئ عن قراءته بالكامل خصوصا اذا كان المقال مملا ولا يوجد فيه طرح جديد او معلومات تجذب القارئ ، بل وحتى الكاتب نفسه قلما يقرأ صفحة المقالات او يكتفي بقراءة مقدمة المقال وخاتمته ، لذا ما يتم معرفته حول ما تقدم ان اذواق القراء تغيرت بشكل كبير فمن قارئ يقرأ رواية الحرب والسلام بأجزائها دون كلل او ملل الى قارئ اقصوصة وقلما يتابع نشرها . وبما ان الكُتاب يكتبون لجذب قراءهم فلابد لهم من الايجاز وهذا ما نشاهده في نشر العمود الصحفي في الصحيفة مع الاخذ بنظر الاعتبار ان تكون فيه المادة المطروحة تشد اعين القارئ بمواضيع تمس حياته اليومية مستخدما كلمات مستساغة من اللهجات الدارجة بين السطور تشد انتباه القارئ ويتفاعل معها و يتخيل ان الكاتب يتحدث معه بشكل مباشر ، وقد اجاد في كتابة الاعمدة الصحفية عدة كُتاب امثال شمران الياسري و حسن العاني وغيرهم من الكُتاب المعروفين في الوقت الحالي .
|