قصة قصيرة لطيفة !! |
فنارات |
أضيف بواسـطة addustor |
الكاتب |
النـص : عبد الواحد محمد روائي عربي مصر ...................................................... قالت له بنبرة حزينة انيقة ارتسمت علي وجهها الخمري الذي بشبه حبات الكرز بعتاب انثي منحها الله دعوات مستجابة ! صلوات مقدسة ! وهي تتنهد بصوتها الرخيم بالذمة ده كلام ! عام قارب علي الانتهاء . وانت يا حبيبي تهيم في دنياك الواسعة والمغرورة تكتب لعالم كبير وأنا جزء من عالمك كنت يوما ما بل كل احلامك! هكذا تصورت نفسي في حمائم قلبك ! هكذا شعرت إنك دنياي الرحيمة ! وهي تحدق في وجه الاسمر الوسيم والحنون الذي علا رأسه بعض شعيرات بيضاء بدت مثل موج جبل طارق ! جذب شهيقا وزفيرا بروية ثم تنهد في بوحه العذري الذي يشبه سيمفونية موسيقار يدندن علي عوده العربي متعدد المقامات الموسيقية . وهو يقول لها بخجل العاشق.. الحقيقة انك كل الإلهام ست لطيفة ! ست الكل ! كما انت معجزة حياة ! عاداتك ! فلسفتك ! لا فلسفة مدرسة العطارين , التي وقفت معك علي ابوابها السبع , ساعات طويلة منذ زمن ! مستمتعا بنشوة اهاتك الحالمة !! اه اه وأنت مارست كل طقوس الحكمة كعهدك , وسلاحك الأنثوي الفضفاض زرع في داخلي أعذب ثمار الفاكهة واشهي حريرة الشتاء التي تتحدث باسمك أينما ذهبت سافرت ! تغربت ! تفلسفت ! تناولت طعام ليس فيه غير أنفاسك الطاهرة غير الحريرة والكسكس الحار! تذكرتك دوما كعهدي معك لطيفة كل زمان ! فلم يغيب وجهك عن قبلة صلواتي الخمس !! والله يعلم !! حبيبتي عندما كنت تقرأين صحيفة العربي اليومية الورقية واسعة الانتشار في هذا الزمان قبل الإنترنت والهاتف الذكي كنت دون مجاملة صوت وطن ! لا لا لا شمس وعطر وطن ! وكنت انا المتيم والباحث عن دروب اشعه شمسك الدافئة بنت فاس الأبية وبابه التاريخي ابن الخلود ! لاريب احتويت بنبلك ست لطيفة كل زمان ومكان وبستان !! والاعمق قصائدي المبعثرة من اليسار إلي اليمين . كنت اليمين قبل اليسار كنت السهر والأرق اللذيذ كنت قمر فاس بلا منازع في كل الليالي الممطرة الباردة فمنحتيني دفيء جسد كان يرتعش بين كل دروب الغربة !! التي ظن البعض من السذج اني امضي في بوح غير بوحك ,اطرق بيت غير بيتك العامر بالكرم والطهر والحكمة والموسيقي الأندلسية ! غير مدينة فاس العريقة التي بين دروبها عاش جدي الشيخ رحمه الله درس بالقرويين وهو يديم النظر إلي وجهها الملائكي الذي لم تبعثره هوس موضة عالم كاذب ينزلق من اعلي قمة جبل جريح إلي دنيا الأوهام! آه اه جدي العظيم درس كما حدثتك من قبل , بين اروقة القرويين منذ زمن بعيد زمن العلم والعلماء والغناء الأندلسي الرفيع !! لكنك ايضا ودائما لطيفة الحكمة والتسامح الجميل مهما تعثرت قدماي اثناء هطول المطر مثل زماننا الغجري بين أوهام السوق السبعة اه اه اه وقسوة الغربة المريرة بكل دروبها العقيمة التي لا تشبه فاس البطحاء فاس بكل قبابها الزرقاء! هزت رأسها لطيفة بدلال وكبرياء انثي تفوح منها عطر لا مثيل له في عالم مفتوح ! وهو يجلس في مواجهتها مباشرة علي الكرسي المصنوع من خوص زمن ! في شرفة بيتها الذي يشبه بكل الروعة حديقة أندلسية تفوح منه رائحة جدته التي كانت هي الأخري من أصول أندلسية وهام بها جده الذي تزوجها بكلمة شرف وقبول من فاتنة فاس في هذا الزمان الذي ولي بدون فراق بين المحب والمحبوبة ! وعينيها تدمع في تصاعد لحني مثل رغاوي قهوتنا العربية لطيفة الفلسفة والحكمة والقلب الطيب !!! ليقترب منها راغبا ومداعبا بكلماته الومضية يمسح بأنامله الرقيقة تلك الدموع العزيزة بمشاعر جده الفاسي الذي استحضر صورته التي مازالت قنديل كل دروب فاس العريقة ! الذي كان يكتب كل يوم صباحا ومساءا في دفتره الصغير قصة حبه لجدته التي سكنته حتي الموت بل تعيش معه في قبره يقينا حتي موعد قدري للقائهما المحتوم ! لحياة قادمة ! ابتسمت لطيفة في نشوة من حدثها قلبها ان كلماته لها هي دوما الصدق مثل جده الفاسي الذي مازال حديث مدينة العلم والعلماء !! هي بلا جدال كل الوطن ! هي الخبز والزاد والقصر غير المسحور ! ثم تنهدت بعذوبة فيروزية وهي تمسك يده التي عانت من برودة زمن بعيدا عنها بعيدا عن عطرها الفاسي الذي تفوح منه كل دروب اندلسية ! اه اه وكأنها مازالت علي عهدها الملكي تقرا جريدتنا المفضلة معا العربي التي توقفت منذ زمن ! ونحن نحتمي معا من برد الشتاء وأمطار فاس المرمرية بتلك المشاعر التي جسدت بعض من ليالي فاس ! مازالت عطر كل تاريخ! ولطيفة تجلس كعادتها في وقارها الأنثوي !رغم كل انين العولمة وايقونات الإنترنت ! وهوسنا جميعا بعالم اسمه الفيس بوك الذي مزق ما كان من حب ورغبة بقاء !! هي كما هي لطيفة الحكمة والوفاء وكل فاس بين دروبها العتيقة وبين اروقة هذا البيت العريق لقاء محتوم ومكتوب بعد غياب طويل مع رشفات الشاي الأخضر وقطع الحلوي التي أعددتها مسبقا قبل قدومه إليها بساعات بل ايام بل بشفافية من تعرف ساعة طرقه علي باب بيت ينتظر انفاسه بفارغ صبر عظيم ! همست بالقرب من سويداء قلبه وهي تقول في لهجة فاسية انت هنا لم ترحل حبيبي !! انت عطر الوطن !! شعر برغبة عارمة في ضمها لصدره لكن تمالك نفسه بكل عذاب اللحظة والشجن والغناء المغربي والمطر يسقط في تلك الآونة مثل بلورات الزجاج الكريستال الفضي ! ولطيفة تقول له بنبرات صوتها الحانية انت كل فاس!! بل أيقونة كل مدائن الأرض قاطبة !! ومازال هو الاخر يقول لها انت كل عواصم الوطن ؟! انت كل عذوبة زمن ومكان وقصر مسحور ! انت الوطن ! انت الوطن!
|
المشـاهدات 265 تاريخ الإضافـة 12/05/2024 رقم المحتوى 45638 |