النـص : مع تزايد انتشار التكنولوجيا وتطور وسائل الاتصال، أصبحت البودكاستات واحدة من أبرز الوسائل الاتصالية المستخدمة للتثقيف والتوعية في العصر الحديث؛ يُعد البودكاست وسيلة فعالة لنقل المعرفة وتبادل المعلومات بأسلوب سهل وممتع، وله أثر كبير في تشجيع الناس على التعلّم والتطوير الشخصي، إذا ما تم توظيفه بشكل صحيح .ماهو البودكاست؟ ومن أين جاء هذا المصطلح البودكاست، الذي يجمع بين كلمتي “iPod” و”Broadcast”، ظهر لأول مرة في عام 2004، تزامنًا مع تطور الإنترنت وانتشار أجهزة iPod، ويُعد جزءًا من الجيل الثاني للويب “ويب 2.0”، كان وسيلة مبتكرة لتوزيع المحتوى الصوتي عبر الإنترنت، مما سمح للمستخدمين بالاستماع إلى المواد الصوتية في أي وقت ومن أي مكان.في الوقت ذاته تُعد البودكاستات واحدة من أهم وسائل الاتصال التفاعلية التي تتيح للمستمعين الوصول إلى المحتوى في أي وقت وفي أي مكان. إذ يُمكن للمستمعين تشغيل البودكاست أثناء القيادة، أو أثناء ممارسة الرياضة، أو حتى أثناء العمل، ممّا يجعلها وسيلة مثالية للتعلّم أثناء القيام بالأنشطة اليومية.إضافة إلى ذلك، تغطي البودكاستات مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك التاريخ، العلوم، الثقافة، السياسة، التكنولوجيا، الصحة، وغيرها. يُمكن للمستمعين اختيار المحتوى الذي يناسب اهتماماتهم بدقة، ممّا يساعدهم على توسيع معرفتهم وتطوير مهاراتهم في كافة المجالات.وهناك العديد من برامج البودكاست المتميزة التي أثرت في المستمعين وساهمت في نشر المعرفة والتوعية، ومن أبرزها: بودكاست “سوالف بيزنس”، بودكاست “عقل غير هادئ”، بودكاست “مهارات”، فضلاً عن بودكاست “فنجان” الذي دخلت إحدى حلقاته موسوعة غينيس للأرقام القياسية كأكثر حلقة بودكاست مشاهدة في تاريخ منصة يوتيوب، حيث تجاوزت مشاهداتها 110 مليون. الحلقة التي حملت عنوان “أسرار العلاقات الناجحة” استضافت المدرب ياسر الحزيمي، الذي قدم نصائح قيمة حول إدارة العلاقات الإنسانية بنجاح. ويُعد هذا الإنجاز الأول من نوعه لبودكاست عربي يحقق مثل هذا الرقم القياسي، ممّا يعكس تأثير البودكاست في العالم العربي وأهميته في نشر التوعية.البودكاست ليس ظاهرة موسمية مهددة بالانقراض، بل أصبح نمطًا برامجيًا مستدامًا. لاسيما مع تزايد عدد المستمعين وتنوع المحتوى، أصبح البودكاست جزءًا أساسيًا من وسائل الإعلام الرقمية الحديثة. وتشير الإحصائيات إلى نمو مستمر في عدد المستمعين سنويًا، مما يعكس استمرارية هذا النمط البرامجي كوسيلة فعالة لنشر المعرفة وبناء حوار مستدام.إذ تُعد البودكاستات مصدرًا موثوقًا للمعلومات، مما تتيح للمستمعين الاعتماد على المحتوى المقدم من قبل مضيفي البودكاست الموثوق بهم والمتخصصين في مجالاتهم. ويساهم ذلك في نشر الوعي والمعرفة بشكل دقيق ومفصل.تُسهم البودكاستات في بناء مجتمع أكثر توعية وتعليمًا، إذ تعزز الحوار والتفاعل بين الناس عن قضايا مهمة ومتنوعة. وتُشجع البودكاستات على فتح النقاش وتبادل الآراء والتجارب، مما يساهم في تعزيز التفاهم والتسامح داخل المجتمع.من جانبنا، نحث طلبة الجامعات بشكل عام وطلبة كليات الإعلام بشكل خاص على الاستماع إلى البودكاست، نظرًا لأثره الكبير في التوعية والتثقيف، وتطوير المهارات على المستويات التعليمية والثقافية والاجتماعية. يُقدم البودكاست لطلبة الإعلام فرصة قيمة لصقل مهاراتهم والتعمق في مجالهم الأكاديمي والميداني.وبفضل قدرته على توفير المعرفة ونشر الوعي بطريقة سهلة وممتعة، يُعد البودكاست أداة قوية لجعل التعلم والتوعية أكثر إشراقًا ومتعة في حياة الأفراد. ينبغي على المهتمين الاستفادة من هذه الوسيلة الفعالة لتحقيق التغيير الإيجابي في مجتمعاتنا وتعزيز المعرفة والتفاهم بين الناس.
|